الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ ٱللَّهِ ذَلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }

يقول تعالـى ذكره: فسدّد وجهك نـحو الوجه الذي وجهك إلـيه ربك يا مـحمد لطاعته، وهي الدين، { حنـيفـاً } يقول: مستقـيـماً لدينه وطاعته، { فطرة الله التـي فطر الناس علـيها } يقول: صنعةَ الله التـي خـلق الناس علـيها ونصبت فطرة علـى الـمصدر من معنى قوله { فَأقِمْ وَجْهَكَ للدّينِ حَنِـيفـاً } وذلك أن معنى ذلك: فطر الله الناس علـى ذلك فطرة. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله { فِطْرَةَ اللّهِ التـي فَطَرَ النَّاسَ عَلَـيْها } قال: الإسلام مذ خـلقهم الله من آدم جميعاً، يقرّون بذلك، وقرأ:وَإذْ أخَذَ رَبُّكَ منْ بَنِـي آدَمَ منْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ، وأشْهَدَهُمْ علـى أنْفُسِهمْ، ألَسْتُ برَبِّكُمْ؟ قالُوا بَلَـى شَهِدْنا } قال: فهذا قول الله:كانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً، فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِـيِّـينَ } بعد. حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد { فِطْرَةَ اللّهِ } قال: الإسلام. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا يونس بن أبـي صالـح، عن يزيد بن أبـي مريـم، قال: مرّ عمر بـمُعاذ بن جبل، فقال: ما قِوام هذه الأمة؟ قال مُعاذ: ثلاث، وهنّ الـمنـجيات: الإخلاص، وهو الفطرة { فِطْرَةَ اللّهِ التـي فَطَرَ النَّاسَ عَلَـيْها }. والصلاة وهي الـملة والطاعة وهي العصمة، فقال عمر: صدقت. حدثنـي يعقوب، قال: ثنـي ابن عُلَـية، قال: ثنا أيوب، عن أبـي قِلابة أن عمر قال لـمعاذ: ما قِوام هذه الأمة؟ ثم ذكر نـحوه. وقوله { لا تَبْدِيـلَ لِـخَـلْقِ اللّهِ } يقول: لا تغيـير لدين الله: أي لا يصلـح ذلك، ولا ينبغي أن يفعل. واختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك، فقال بعضهم نـحو الذي قلنا فـي ذلك: ذكر من قال ذلك: حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد { لا تَبْدِيـلَ لِـخَـلْقِ اللّهِ } قال: لدينه. حدثنـي أبو السائب، قال: ثنا ابن إدريس، عن لـيث، قال: أرسل مـجاهد رجلاً يقال له قاسم إلـى عكرِمة يسأله عن قول الله: { لا تَبْدِيـلَ لِـخَـلْقِ اللّهِ } قال: إنـما هو الدين، وقرأ { لا تَبْدِيـلَ لـخَـلْقِ اللّهِ ذلكَ الدّينُ القَـيِّـمُ }. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا زيد بن حبـاب، عن حسين بن واقد، عن يزيد النـحوي، عن عكرِمة { فطْرَةَ اللّهِ التـي فَطَرَ النَّاسَ عَلَـيْها } قال: الإسلام. قال: ثنـي أبـي، عن نضر بن عربـي، عن عكرمة { لا تَبْدِيـلَ لـخَـلْقِ اللّهِ } قال: لدين الله. قال: ثنـي أبـي، عن سفـيان، عن لـيث، عن مـجاهد، قال: لدين الله.

السابقالتالي
2