يعنـي بذلك جلّ ثناؤه: ولا تصدّقوا إلا من تبع دينكم فكان يهودياً. وهذا خبر من الله عن قول الطائفة الذين قالوا لإخوانهم من الـيهود:{ ءامِنُواْ بِٱلَّذِي أُنزِلَ على ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَجْهَ ٱلنَّهَارِ } [آل عمران: 72]. واللام التـي فـي قوله: { لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ } نظيرة اللام التـي فـي قوله: { عَسَىٰ أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم } بـمعنى: ردفكم { بَعْضُ ٱلَّذِى تَسْتَعْجِلُونَ }. وبنـحو ما قلنا فـي تأويـل ذلك، قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: { وَلاَ تُؤْمِنُواْ إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ } هذا قول بعضهم لبعض. حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن الربـيع، مثله. حدثنا مـحمد بن الـحسين، قال: ثنا أحمد بن الـمفضل، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ: { وَلاَ تُؤْمِنُواْ إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ } قال: لا تؤمنوا إلا لـمن تبع الـيهودية. حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب: قال: قال ابن زيد فـي قوله: { وَلاَ تُؤْمِنُواْ إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ } قال: لا تؤمنوا إلا لـمن آمن بدينكم لا من خالفه، فلا تؤمنوا به. القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { قُلْ إِنَّ ٱلْهُدَىٰ هُدَى ٱللَّهِ أَن يُؤْتَىٰ أَحَدٌ مّثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِندَ رَبّكُمْ }. اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك، فقال بعضهم: قوله: { قُلْ إِنَّ ٱلْهُدَىٰ هُدَى ٱللَّهِ } اعترض به فـي وسط الكلام خبراً من الله عن أن البـيان بـيانه والهدى هداه. قالوا: وسائر الكلام بعد ذلك متصل بـالكلام الأوّل خبراً عن قـيـل الـيهود بعضها لبعض. فمعنى الكلام عندهم: ولا تؤمنوا إلا لـمن تبع دينكم، ولا تؤمنوا أن يؤتـى أحد مثل ما أوتـيتـم، أو أن يحاجوكم عند ربكم: أي ولا تؤمنوا أن يحاجكم أحد عند ربكم. ثم قال الله عزّ وجلّ لنبـيه صلى الله عليه وسلم: قل يا مـحمد إن الفضل بـيد الله يؤتـيه من يشاء، وإن الهدى هدى الله. ذكر من قال ذلك: حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد فـي قوله: { أَن يُؤْتَىٰ أَحَدٌ مّثْلَ مَا أُوتِيتُمْ }: حسداً من يهود أن تكون النبوّة فـي غيرهم، وإرادة أن يتبعوا علـى دينهم. حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، مثله. وقال آخرون: تأويـل ذلك: قل يا مـحمد إن الهدى هدى الله، إن البـيان بـيان الله أن يؤتـى أحد، قالوا: ومعناه: لا يؤتـى أحد من الأمـم مثل ما أوتـيتـم، كما قال:{ يُبَيّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ } [النساء: 176] بـمعنى لا تضلون، وكقوله: