الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَآءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَاذِبِينَ }

يعنـي بقوله جلّ ثناؤه: { فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ }: فمن جادلك يا مـحمد فـي الـمسيح عيسى ابن مريـم. والهاء فـي قوله: { فِيهِ } عائدة علـى ذكر عيسى، وجائز أن تكون عائدة علـى الـحقّ الذي قال تعالـى ذكره: { ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ }. ويعنـي بقوله: { مّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ }: من بعد ما جاءك من العلـم الذي قد بـينته لك فـي عيسى أنه عبد الله. { فَقُلْ تَعَالَوْاْ } هلـموا فلندعْ أبناءنا وأبناءكم، ونساءنا ونساءكم، وأنفسنا وأنفسكم، { ثُمَّ نَبْتَهِلْ } يقول: ثم نلتعن، يقال فـي الكلام: ما له بَهَلَهَ الله! أي لعنه الله، وما له علـيه بُهْلَة الله! يريد اللعن. وقال لَبـيد، وذكر قوماً هلكوا، فقال:
نَـظَـرَ الـدَّهْـرُ إِلَـيْهِـمْ فَـابْـتَـهَـلْ   
يعنـي دعا علـيهم بـالهلاك. { فَنَجْعَل لَّعْنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَـٰذِبِينَ } منا ومنكم فـي آية عيسى. كما: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ }: أي فـي عيسى أنه عبد الله ورسوله من كلـمة الله وروحه. { فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ } إلـى قوله: { عَلَى ٱلْكَـٰذِبِينَ }. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، عن مـحمد بن جعفر بن الزبـير: { فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ }: أي من بعد ما قصصت علـيك من خبره، وكيف كان أمره { فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ }... الآية. حدثت عن عمار، قال: ثنا ابن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن الربـيع، قوله: { فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ } يقول: من حاجك فـي عيسى من بعد ما جاءك فـيه من العلـم. حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: { ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَـٰذِبِينَ } قال: منا ومنكم. حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: وثنـي ابن لهيعة، عن سلـيـمان بن زياد الـحضرمي عن عبد الله بن الـحارث بن جزء الزبـيدي، أنه سمع النبـيّ صلى الله عليه وسلم يقول: " لَـيْتَ بَـيْنِـي وَبَـيْنَ أهْلِ نَـجْرَانَ حِجابـاً فَلا أرَاهُمْ وَلا يَرَوْنِـي " من شدّة ما كانوا يـمارون النبـيّ صلى الله عليه وسلم.