الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ نَزَّلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَٰبَ بِٱلْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ } * { مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ ٱلْفُرْقَانَ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ ذُو ٱنْتِقَامٍ }

يقول جلّ ثناؤه: يا مـحمد إن ربك وربّ عيسى ورب كل شيء، هو الرب الذي أنزل علـيك { الكِتَـابَ } يعنـي بـالكتاب: القرآن. { بالحَقّ } يعنـي بـالصدق فـيـما اختلف فـيه أهل التوراة والإنـجيـل، وفـيـما خالفك فـيه مـحاجوك من نصارى أهل نـجران، وسائر أهل الشرك غيرهم. { مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } يعنـي بذلك القرآن، أنه مصدّق لـما كان قبله من كتب الله التـي أنزلها علـى أنبـيائه ورسله، ومـحقق ما جاءت به رسل الله من عنده، لأن منزل جميع ذلك واحد، فلا يكون فـيه اختلاف، ولو كان من عند غيره كان فـيه اختلاف كثـير. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: { مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } قال: لـما قبله من كتاب أو رسول. حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: { مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } لـما قبله من كتاب أو رسول. حدثنـي مـحمد بن حميد، قال: ثنا سلـمة، قال: ثنـي مـحمد بن إسحاق، عن مـحمد بن جعفر بن الزبـير: { نَزَّلَ عَلَيْكَ الكِتَـابَ بِالحَقّ } أي بـالصدق فـيـما اختلفوا فـيه. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: { نَزَّلَ عَلَيْكَ الكِتَـابَ بالحَقّ مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } يقول: القرآن مصدّقا لـما بـين يديه من الكتب التـي قد خـلت قبله. حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنـي ابن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن الربـيع قوله: { نَزَّلَ عَلَيْكَ الكِتَـابَ بِالحَقّ مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } يقول: مصدّقا لـما قبله من كتاب ورسول. القول فـي تأويـل قوله تعالى: { وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ والإنجِيلَ مِنْ قَبْلُ هُدًى للنَّاسِ }. يعنـي بذلك جل ثناؤه: وأنزل التوراة علـى موسى، والإنـجيـل علـى عيسى. { مِن قَبْلُ } يقول: من قبل الكتاب الذي نزّله علـيك. ويعنـي بقوله: { هُدًى للنَّاسِ } بـيانا للناس من الله، فـيـما اختلفوا فـيه من توحيد الله وتصديق رسله، ومفـيداً يا مـحمد أنك نبـيـي ورسولـي، وفـي غير ذلك من شرائع دين الله. كما: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: { وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإنجِيلَ مِن قَبْلُ هُدًى للنَّاسِ } هما كتابـان أنزلهما الله، فـيـما بـيان من الله، وعصمة لـمن أخذ به وصدق به وعمل بـما فـيه. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، عن مـحمد بن جعفر بن الزبـير: { وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإنجِيلَ } التوراة علـى موسى، والإنـجيـل علـى عيسى، كما أنزل الكتب علـى من كان قبلهما. القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { وَأَنزَلَ الفُرْقَانَ }.

السابقالتالي
2 3