الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }

يعنـي بذلك: أن الله اصطفـى آل إبراهيـم وآل عمران { ذُرّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ } فـالذرّية منصوبة علـى القطع من آل إبراهيـم وآل عمران: لأن «الذرّية» نكرة، و«آل عمران» معرفة، ولو قيل نصبت على تكرير الاصطفـاء لكان صوابـاً، لأن المعنى: اصطفى ذرّية بعضها من بعض. وإنـما جعل «بعضهم من بعض» فـي الـموالاة في الدين والـموازرة علـى الإسلام والحق، كما قال جلّ ثناؤه:وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ } [التوبة: 71] وقال فـي موضع آخر:ٱلْمُنَـٰفِقُونَ وَٱلْمُنَـٰفِقَاتُ بَعْضُهُمْ مّن بَعْضٍ } [التوبة: 67] يعنـي أن دينهم واحد وطريقتهم واحدة، فكذلك قوله: { ذُرّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ } إنـما معناه: ذرّية دين بعضها دين بعض، وكلـمتهم واحدة، وملتهم واحدة فـي توحيد الله وطاعته. كما: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: { ذُرّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ } يقول: فـي النـية والعمل والإخلاص والتوحيد له. وقوله: { وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } يعنـي بذلك: والله ذو سمع لقول امرأة عمران، وذو علـم بـما تضمره فـي نفسها، إذ نذرت له ما فـي بطنها مـحرّراً.