الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَىٰ كِتَابِ ٱللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُمْ مُّعْرِضُونَ }

يعنـي بذلك جلّ ثناؤه: { أَلَمْ تَرَ } يا مـحمد { إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الكِتَـابِ } يقول: الذين أُعطوا حظاً من الكتاب، يدعون إلـى كتاب الله. واختلف أهل التأويـل فـي الكتاب الذي عنى الله بقوله: { يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَـابِ اللَّهِ } فقال بعضهم: هو التوراة دعاهم إلـى الرضا بـما فـيها، إذ كانت الفرق الـمنتـحلة الكتب تُقِرّ بها وبـما فـيها أنها كانت أحكام الله قبل أن ينسخ منها ما نسخ. ذكر من قال ذلك: حدثنا أبو كريب، قال: ثنا يونس، قال: ثنا مـحمد بن إسحاق، قال: ثنـي مـحمد بن أبـي مـحمد مولـى زيد بن ثابت، قال: ثنـي سعيد بن جبـير وعكرمة، عن ابن عبـاس، قال: دخـل رسول الله صلى الله عليه وسلم بـين الـمدراس علـى جماعة من يهود، فدعاهم إلـى الله، فقال له نعيـم بن عمرو والـحارث بن زيد: علـى أيّ دين أنت يا مـحمد؟ فقال: " علـى مِلّة إبْراهِيـم ودِينِه " ، فقالا: فإن إبراهيـم كان يهوديا، فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فَهَلُـمُّوا إلـى التَّوْرَاةِ فَهِيَ بَـيْنَنَا وَبَـيْنَكُمْ " فأبَوْا عَلَـيْهِ، فأنزل الله عزّ وجلّ: { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الكِتَـابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَـابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مّنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ }... إلـى قوله: { مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ }. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلـمة، عن مـحمد بن إسحاق، عن مـحمد بن أبـي مـحمد مولـى آل زيد، عن سعيد بن جبـير أو عكرمة، عن ابن عبـاس، قال: دخـل رسول الله صلى الله عليه وسلم بـيت الـمدراس، فذكر نـحوه، إلا أنه قال: فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فَهَلُـمَّا إلـى التَّوْرَاةِ " ، وقال أيضا: فأنزل الله فـيهما: { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الكِتَـابِ } وسائر الـحديث مثل حديث أبـي كريب. وقال بعضهم: بل ذلك كتاب الله الذي أنزله علـى مـحمد، وإنـما دعيت طائفة منهم إلـى رسول الله صلى الله عليه وسلم لـيحكم بـينهم بـالـحقّ، فأبت. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الكِتَـابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَـابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُم مُعْرِضُونَ } أولئك أعداء الله الـيهود، دعوا إلـى كتاب الله لـيحكم بـينهم، وإلـى نبـيه لـيحكم بـينهم وهم يجدونه مكتوبـاً عندهم فـي التوراة والإنـجيـل، ثم تولوا عنه وهم معرضون. حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله بن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن قتادة: { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الكِتَـابِ }.

السابقالتالي
2