الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }

اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: اصبروا علـى دينكم، وصابروا الكفـار ورابطوهم. ذكر من قال ذلك: حدثنا الـمثنى، قال: ثنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا ابن الـمبـارك، عن الـمبـارك بن فضالة، عن الـحسن أنه سمعه يقول فـي قول الله: { يَـأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ } قال: أمرهم أن يصبروا علـى دينهم، ولا يدعوه لشدّة ولا رخاء، ولا سرّاء ولا ضرّاء، وأمرهم أن يصابروا الكفـار، وأن يرابطوا الـمشركين. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { يَـأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ }: أي اصبروا علـى طاعة الله، وصابروا أهل الضلالة، ورابطوا فـي سبـيـل الله، { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }. حدثنا الـحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، فـي قوله: { ٱصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ } يقول: صابروا الـمشركين، ورابطوا فـي سبـيـل الله. حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنا حجاج، عن ابن جريج: { ٱصْبِرُواْ } علـى الطاعة، { وَصَابِرُواْ } أعداء الله، { وَرَابِطُواْ } فـي سبـيـل الله. حدثنـي يحيـى بن أبـي طالب، قال: أخبرنا يزيد، قال: أخبرنا جويبر، عن الضحاك فـي قوله: { ٱصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ } قال: اصبروا علـى ما أمرتـم به، وصابروا العدوّ ورابطوهم. وقال آخرون: معنى ذلك: اصبروا علـى دينكم، وصابروا وعدي إياكم علـى طاعتكم لـي، ورابطوا أعداءكم. ذكر من قال ذلك: حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنـي أبو صخر، عن مـحمد بن كعب القرظي، أنه كان يقول فـي هذه الآية: { ٱصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ } يقول: اصبروا علـى دينكم، وصابروا الوعد الذي وعدتكم، ورابطوا عدوّي وعدوّكم، حتـى يترك دينه لدينكم. وقال آخرون: معنى ذلك: اصبروا علـى الـجهاد، وصابروا عدوّكم ورابطوهم. ذكر من قال ذلك: حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا جعفر بن عون، قال: أخبرنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلـم فـي قوله: { ٱصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ } قال: اصبروا علـى الـجهاد، وصابروا عدوّكم، ورابطوا علـى عدوّكم. حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا مطرف بن عبد الله الـمرّي، قال: ثنا مالك بن أنس، عن زيد بن أسلـم، قال: كتب أبو عبـيدة بن الـجراح إلـى عمر بن الـخطاب، فذكر له جموعاً من الروم وما يتـخوّف منهم، فكتب إلـيه عمر: أما بعد، فإنه مهما نزل بعبد مؤمن منزلة شدة يجعل الله بعدها فرجاً، وإنه لن يغلب عسر يسرين، وإن الله يقول فـي كتابه: { يَـأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }. وقال آخرون: معنى: { وَرَابِطُواْ }: أي رابطوا علـى الصلوات: أي انتظروها واحدة بعد واحدة.

السابقالتالي
2 3