الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ بَلِ ٱللَّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ خَيْرُ ٱلنَّاصِرِينَ }

يعنـي بذلك تعالـى ذكره: أن الله مسدّدكم أيها الـمؤمنون، فمنقذكم من طاعة الذين كفروا. وإنـما قـيـل: { بَلِ ٱللَّهُ مَوْلَـٰكُمْ } لأن قوله:إِن تُطِيعُواْ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ عَلَىٰ أَعْقَـٰبِكُمْ } [آل عمران: 149] نهيٌ لهم عن طاعتهم، فكأنه قال: يا أيها الذين آمنوا لا تطيعوا الذين كفروا، فـيردّوكم علـى أعقابكم، ثم ابتدأ الـخبر، فقال: { بَلِ ٱللَّهُ مَوْلَـٰكُمْ } فأطيعوه دون الذين كفروا فهو خير من نصر، ولذلك رفع اسم الله، ولو كان منصوبـاً علـى معنى: بل أطيعوا الله مولاكم دون الذين كفروا، كان وجهاً صحيحاً. ويعنـي بقوله: { بَلِ ٱللَّهُ مَوْلَـٰكُمْ }: ولـيكم وناصركم علـى أعدائكم الذين كفروا، { وَهُوَ خَيْرُ ٱلنَّـٰصِرِينَ } لا من فررتـم إلـيه من الـيهود وأهل الكفر بـالله، فبـالله الذي هو ناصركم ومولاكم فـاعتصموا وإياه فـاستنصروا دون غيره مـمن يبغيكم الغوائل ويرصدكم بـالـمكاره. كما: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلـمة، عن ابن إسحاق: { بَلِ ٱللَّهُ مَوْلَـٰكُمْ } إن كان ما تقولون بألسنتكم صدقاً فـي قلوبكم، { وَهُوَ خَيْرُ ٱلنَّـٰصِرِينَ }: أي فـاعتصموا به ولا تستنصروا بغيره، ولا ترجعوا علـى أعقابكم مرتدين عن دينكم.