الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ فَخَرَجَ مِنْهَا خَآئِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَآءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَىٰ رَبِّيۤ أَن يَهْدِيَنِي سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ }

يقول تعالـى ذكره: فخرج موسى من مدينة فرعون خائفـاً من قتله النفس أن يقتل به { يترقب } يقول: ينتظر الطلب أن يدركه فـيأخذه. كما: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { فَخَرَجَ مِنْها خائِفـاً يتَرَقَّبُ } خائفـاً من قتله النفس يترقب الطلب { قالَ رَبّ نَـجِّنِـي مِنَ القَوْمِ الظَّالِـمِينَ }. حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي أبو سفـيان، عن معمر، عن قَتادة { فَخَرَجَ مِنْها خائِفـاً يَتَرقَّب } ُ قال: خائفـاً من قتل النفس، يترقب أن يأخذه الطلب. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، قال: ذُكر لـي أنه خرج علـى وجهه خائفـاً يترقب ما يدري أيّ وجه يسلك، وهو يقول: { رَبّ نَـجِّنِـي مِنَ القَوْمِ الظَّالِـمِينَ }. حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله { فَخَرَجَ مِنْها خائِفـاً يَترَقَّبُ } قال: يترقب مخافة الطلب. وقوله: { قالَ رَبّ نَـجِّنِـي مِنَ القَوْمِ الظَّالِـمِينَ } يقول تعالـى ذكره: قال موسى وهو شاخص عن مدينة فرعون خائفـاً: ربّ نـجنـي من هؤلاء القوم الكافرين، الذين ظلـموا أنفسهم بكفرهم بك. وقوله: { ولَـمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ } يقول تعالـى ذكره: ولِـما جعل موسى وجهه نـحو مدين، ماضياً إلـيها، شاخصاً عن مدينة فرعون، وخارجاً عن سلطانه، { قال: عَسَى رَبّـي أنْ يَهْدِيَنِـي سَوَاءَ السَّبِـيـلِ } وعنى بقوله: «تلقاء»: نـحو مدين ويقال: فعل ذلك من تلقاء نفسه، يعنـي به: مِن قِبَل نفسه ويقال: داره تلقاءَ دار فلان: إذا كانت مـحاذيتها، ولـم يصرِف اسم مدين لأنها اسم بلدة معروفة، كذلك تفعل العرب بأسماء البلاد الـمعروفة ومنه قول الشاعر:
رُهْبـانُ مَدْيَنَ لَوْ رأوْكِ تَنزَّلُوا   والعُصْمُ مِنْ شَعَفِ العُقولِ الفـادِرِ
وقوله: { عَسَى رَبّـي أنْ يَهْدِيَنِـي سَوَاءَ السَّبِـيـلِ } يقول: عسى ربـي أن يبـين لـي قصد السبـيـل إلـى مدين، وإنـما قال ذلك لأنه لـم يكن يعرف الطريق إلـيها. وذُكر أن الله قـيَّض له إذ قال: { رَبّ نَـجِّنِـي مِنَ القَوْمِ الظَّالِـمِينَ } ملَكا سدّده الطريق، وعرفه إياه. ذكر من قال ذلك: حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ، قال: لـما أخذ موسى فـي بنـيات الطريق جاءه مَلَك علـى فرس بـيده عَنْزة فلـما رآه موسى سجد له من الفَرَق قال: لا تسجد لـي ولكن اتبعنـي، فـاتبعه، فهداه نـحو مدين. وقال موسى وهو متوجه نـحو مدين: { عَسَى رَبّـي أنْ يَهْدِيَنِـي سَوَاءَ السَّبِـيـلِ } فـانطلق به حتـى انتهى به إلـى مَدين. حدثنا العبـاس، قال: أخبرنا يزيد، قال: أخبرنا الأصبغ بن زيد، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا سعيد بن جُبَـير، عن ابن عبـاس، قال: خرج موسى متوجها نـحو مدين، ولـيس له علـم بـالطريق إلاَّ حُسن ظنه بربه، فإنه قال { عَسَى رَبـي أنْ يَهْدِينِـي سَوَاءَ السَّبِـيـلِ }.

السابقالتالي
2