الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَحُشِرَ لِسْلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْس وَٱلطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ }

يقول تعالـى ذكره: وجمع لسلـيـمان جنوده من الـجنّ والإنس والطير فـي مسير لهم فهم يوزعون. واختلف أهل التأويـل فـي معنى قوله { فَهُمْ يُوزَعُونَ } فقال بعضهم: معنى ذلك: فهم يُحبس أوّلهم علـى آخرهم حتـى يجتـمعوا. ذكر من قال ذلك: حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جُرَيج، عن عطاء الـخراسانـي، عن ابن عبـاس، قال: جعل علـى كل صنف من يردُّ أولاها علـى أُخراها لئلا يتقدموا فـي الـمسير كما تصنع الـملوك. حدثنا القاسم، قال: ثنا أبو سفـيان عن معمر، عن قَتادة، فـي قوله: { وَحُشِرَ لِسُلَـيْـمانَ جُنودُهُ مِنَ الـجنِّ والإِنْس والطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ } قال: يردّ أوّلهم علـى آخرهم. وقال آخرون: معنى ذلك فهم يساقون. ذكر من قال ذلك: حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله: { وَحُشِرَ لِسُلَـيْـمانَ جُنُودُهُ مِنَ الـجِنّ والإنْسِ والطَّيْرَ فَهُمْ يُوزَعُونَ } قال: يوزعون: يُساقون. وقال آخرون: بل معناه: فهم يتقدمون. ذكر من قال ذلك: حدثنا الـحسين، قال: ثنا أبو سفـيان عن معمر، قال: قال الـحسن: { يُوزَعُونَ } يتقدمون. قال أبو جعفر: وأولـى هذه الأقوال بـالصواب قول من قال: معناه: يردّ أوّلهم علـى آخرهم وذلك أن الوازع فـي كلام العرب هو الكافّ، يقال منه: وزع فلان فلاناً عن الظلـم: إذا كفَّه عنه، كما قال الشاعر:
ألَـمْ يَزَعِ الهَوَى إذْ لَـمْ يُؤَاتِ   بَلـى وَسَلَوْتُ عَنْ طَلَب الفَتاةِ
وقال آخر:
عَلـى حِينَ عاتَبْتُ الـمَشيبَ عَلـى الصّبـا   وقُلْتُ ألَـمَّا أصْحُ والشَّيْبُ وَازعُ
وإنـما قـيـل للذين يدفعون الناس عن الولاة والأمراء وزعة: لكفهم إياهم عنه.