الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلشُّعَرَآءُ يَتَّبِعُهُمُ ٱلْغَاوُونَ } * { أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ } * { وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ } * { إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَذَكَرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً وَٱنتَصَرُواْ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ وَسَيَعْلَمْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ }

يقول تعالى ذكره: والشعراء يتبعهم أهل الغيّ لا أهل الرشاد والهدى. واختلف أهل التأويـل فـي الذين وصفوا بـالغيّ فـي هذا الـموضع فقال بعضهم: رواة الشعر. ذكر من قال ذلك: حدثنـي الـحسن بن يزيد الطحان، قال: ثنا إسحاق بن منصور، قال: ثنا قـيس، عن يعلـى، عن عكرمة، عن ابن عبـاس وحدَّثنـي أبو كُرَيب، قال: ثنا طلق بن غنام، عن قـيس وحدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن عطيَّة، عن قـيس، عن يعلـى بن النعمان، عن عكرمة، عن ابن عبـاس { والشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الغاوُونَ } قال: الرواة. وقال آخرون: هم الشياطين. ذكر من قال ذلك: حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قوله: { وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الغاوُونَ }: الشياطين. حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مـجاهد، مثله. حدثنا الـحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قَتادة، فـي قوله: { يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ } قال: يتبعهم الشياطين. حدثنا مـحمد بن بشار، قال: ثنا يحيى بن سعيد وعبد الرحمن، قالا: ثنا سفـيان، عن سلـمة بن كهيـل، عن عكرِمة، فـي قوله { وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الغاوُونَ } قال: عصاة الـجنّ. وقال آخرون: هم السفهاء، وقالوا: نزل ذلك فـي رجلـين تهاجيا علـى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. ذكر من قال ذلك: حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: { وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الغاوُونَ... } إلـى آخر الآية، قال: كان رجلان علـى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحدهما من الأنصار، والآخر من قوم آخرين، وأنهما تهاجيا، وكان مع كل واحد منهما غواة من قومه، وهم السفهاء، فقال الله: { وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الغاوونَ، ألَـمْ تَرَ أنَّهُمْ فِـي كُلّ وَادٍ يَهِيـمُونَ }. حُدثت عن الـحسين، قال: سمعت أبـا معاذ يقول: أخبرنا عبـيد، قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: { وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الغاوُونَ } قال: كان رجلان علـى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحدهما من الأنصار، والآخر من قوم آخرين، تهاجيا، مع كلّ واحد منهما غواة من قومه، وهم السُّفهاء. وقال آخرون: هم ضلال الـجنّ والإنس. ذكر من قال ذلك: حدثنـي علـيّ، قال: ثنا أبو صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس { وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ } قال: هم الكفـار يتبعهم ضلال الـجنّ والإنس. حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قول الله: { وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ } قال: الغاوونَ الـمشركون. قال أبو جعفر: وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب أن يقال فـيه ما قال الله جلّ ثناؤه: إن شعراء الـمشركين يتبعهم غواة الناس، ومردة الشياطين، وعصاة الـجنّ، وذلك أن الله عمّ بقوله: { وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ } فلـم يخصص بذلك بعض الغواة دون بعض، فذلك علـى جميع أصناف الغواة التـي دخـلت فـي عموم الآية.

السابقالتالي
2 3 4