الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُواْ وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ }

يقول تعالـى ذكره: { قُلْ } يا مـحمد لهؤلاء الـمقسمين بـالله جهد أيـمانهم لئن أمرتهم لـيُخرجُنّ وغيرهم من أمتك: { أطِيعُوا اللّهَ } أيها القوم فـيـما أمركم به ونهاكم عنه. { وأطِيعُوا الرَّسُولَ } فإن طاعته لله طاعة. { فإن تَوَلَّوْا } يقول: فإن تُعْرِضوا وتُدْبِروا عما أمركم به رسول الله صلى الله عليه وسلم أو نهاكم عنه، وتأبَوا أن تُذْعنوا لـحكمه لكم وعلـيكم. { فإنَّـمَا عَلَـيْهِ ما حُمِّلَ } يقول: فإنـما علـيه فعل ما أُمِر بفعله من تبلـيغ رسالة الله إلـيكم، علـى ما كلَّفه من التبلـيغ. { وَعَلَـيْكُمْ ما حُمِّلْتُـمْ } يقول: وعلـيكم أيها الناس أن تفعلوا ما أَلزمكم وأوجب علـيكم من اتبـاع رسوله صلى الله عليه وسلم والانتهاء إلـى طاعته فـيـما أمركم ونهاكم. وقلنا: إن قوله: { فإنْ تَوَلَّوْا } بـمعنى: فإن تتولوا، فإنه فـي موضع جزم لأنه خطاب للذين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يقول لهم: { أطِيعُوا اللّهَ وأطِيعُوا الرَّسُولَ } يدلّ علـى أن ذلك كذلك قوله: { وَعَلَـيْكُمْ ما حُمِّلْتـمْ } ، ولو كان قوله: { تَوَلَّوْا } فعلاً ماضياً علـى وجه الـخبر عن غيب، لكان فـي موضع قوله: { وَعَلَـيْكُمْ ما حُمِّلْتُـمْ وَعَلَـيْهِمْ ما حُمِّلُوا }. وقوله: { وَإنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا } يقول تعالـى ذكره: وإن تطيعوا أيها الناس رسول الله فـيـما يأمركم وينهاكم، تَرْشُدوا وتصيبوا الـحقّ فـي أموركم. { وَما عَلـى الرَّسُولِ إلاَّ البَلاغُ الـمُبِـينُ } يقول: وغير واجب علـى من أرسله الله إلـى قوم برسالة إلا أن يبلِّغهم رسالته بلاغاً يبـين لهم ذلك البلاغ عما أراد الله به، يقول: فلـيس علـى مـحمد أيها الناس إلا أداء رسالة الله إلـيكم وعلـيكم الطاعة وإن أطعتـموه لـحظوظ أنفسكم تصيبون، وإن عصيتـموه بأنفْسكم فتوبقون.