الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّىٰ حِينٍ } * { أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ } * { نُسَارِعُ لَهُمْ فِي ٱلْخَيْرَاتِ بَل لاَّ يَشْعُرُونَ }

قال أبو جعفر: يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: فدع يا مـحمد هؤلاء الذين تقطَّعوا أمرهم بـينهم زبراً، { فـي غَمْرَتِهِمْ } فـي ضلالتهم وغيهم، { حَتَّـى حِينٍ } يعنـي إلـى أجل سيأتـيهم عند مـجيئه عذابـي. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مـجاهد: { فَذَرْهُمْ فِـي غَمْرَتِهِمْ حتـى حِينٍ } قال: فـي ضلالهم. حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله: { فَذَرْهُم فِـي غَمْرَتِهِمْ حتـى حِينٍ } قال: الغَمْرة: الغَمْر. وقوله: { أيَحْسَبُونَ أنَّـما نُـمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِـينٍ } يقول تعالـى ذكره: أيحسب هؤلاء الأحزاب الذين فرقوا دينهم زُبُراً، أن الذي نعطيهم فـي عاجل الدنـيا من مال وبنـين { نُسارِعُ لَهُمْ } يقول: نسابق لهم فـي خيرات الآخرة، ونبـادر لهم فـيها؟ و «ما» من قوله: { أنَّـمَا نُـمِدُّهُمْ بهِ } نصب، لأنها بـمعنى «الذي». { بَلْ لا يَشْعُرُونَ } يقول تعالـى ذكره تكذيبـاً لهم: ما ذلك كذلك، بل لا يعلـمون أن إمدادي إياهم بـما أمدّهم به من ذلك، إنـما هو إملاء واستدراج لهم. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: { أنَّـمَا نُـمِدُّهُمْ } قال: نعطيهم، نسارع لهم، قال: نَزيدهم فـي الـخير، نُـمْلـي لهم، قال: هذا لقريش. حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مـجاهد، مثله. حدثنـي مـحمد بن عمر بن علـيّ، قال: ثنـي أشعث بن عبد الله، قال: ثنا شعبة، عن خالد الـحذّاء، قال: قلت لعبد الرحمن بن أبـي بكرة، قول الله: { نُسارِعُ لَهُمُ فِـي الـخَيْرَاتِ }؟ قال: يسارع لهم فـي الـخيرات. وكأن عبد الرحمن بن أبـي بكرة وجه بقراءته ذلك كذلك، إلـى أن تأويـله: يسارع لهم إمدادنا إياهم بـالـمال والبنـين فـي الـخيرات.