الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } * { وَجَعَلْنَا ٱبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَآ إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ }

يقول تعالـى ذكره: ولقد آتـينا موسى التوراة، لـيهتدي بها قومه من بنـي إسرائيـل، ويعلـموا بـما فـيها. { وَجَعَلْنا ابْنَ مَرْيَـمَ وأُمَّهُ } يقول: وجعلنا ابن مريـم وأمه حجة لنا علـى من كان بـينهم، وعلـى قدرتنا علـى إنشاء الأجسام من غير أصل، كما أنشأنا خـلق عيسى من غير أب. كما: حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا مَعْمر، عن قَتادة، فـي قوله: { وَجَعَلْنا ابْنَ مَرْيَـمَ وأُمَّهُ } قال: ولدته من غير أب هو له. ولذلك وُحِّدت الآية، وقد ذكر مريـم وابنها. وقوله { وآوَيْناهما إلـى رَبْوَةٍ } يقول: وضمـمناهما وصيرناهما إلـى ربوة، يقال: أوى فلان إلـى موضع كذا، فهو يأوِي إلـيه. إذا صار إلـيه وعلـى مثال «أفعلته» فهو يُؤْويه. وقوله { إلـى رَبْوَة } يعنـي: إلـى مكان مرتفع من الأرض علـى ما حوله ولذلك قـيـل للرجل يكون فـي رفعة من قومه وعزّ وشرف وعدد: هو فـي ربوة من قومه، وفـيها لغتان: ضمّ الراء وكسرها إذا أريد بها الاسم، وإذا أريد بها الفعلة من الـمصدر قـيـل رَبَـا رَبْوة. واختلف أهل التأويـل فـي الـمكان الذي وصفه الله بهذه الصفة وآوَى إلـيه مريـم وابنها، فقال بعضهم: هو الرَّملة من فلسطين. ذكر من قال ذلك: حدثنـي مـحمد بن الـمثنى، قال: ثنا صفوان بن عيسى، قال: ثنا بشر بن رافع، قال: ثنـي ابن عمّ لأبـي هريرة، يقال له أبو عبد الله، قال: قال لنا أبو هريرة: الزموا هذه الرملة من فلسطين، فإنها الربوة التـي قال الله: { وآوَيْناهُما إلـى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ }. حدثنـي عصام بن رَوّاد بن الـجراح، قال: ثنا أبـي، قال: ثنا عبـاد أبو عتبة الـخوّاص، قال: ثنا يحيى بن أبـي عمرو السيبـانـي، عن ابن وَعْلة، عن كريب، قال: ما أدري ما حدثنا مُرّة النَبْهزيّ، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ذكر أن الربوة هي الرملة " حدثنا الـحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، عن بشر بن رافع، عن أبـي عبد الله بن عمّ أبـي هريرة، قال: سمعت أبـا هريرة يقول فـي قول الله: { إلـى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ } قال: هي الرملة من فلسطين. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا صفوان، قال: ثنا بشر بن رافع، قال: ثنا أبو عبد الله ابن عمّ، أبـي هريرة، قال: قال لنا أبو هريرة: الزموا هذه الرملة التـي بفلسطين، فإنها الربوة التـي قال الله: { وآوَيْناهُما إلـى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ }. وقال آخرون: هي دمشق. ذكر من قال ذلك: حدثنا أحمد بن الولـيد القرشي، قال: ثنا مـحمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن الـمسيب أنه قال فـي هذه الآية: { وآوَيْناهُما إلـى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ } قال: زعموا أنها دمشق.

السابقالتالي
2 3