الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ بِٱلْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَآءً فَبُعْداً لِّلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ }

يقول تعالـى ذكره: فـانتقمنا منهم، فأرسلنا علـيهم الصيحة فأخذتهم بـالـحقّ وذلك أن الله عاقبهم بـاستـحقاقهم العقاب منه بكفرهم به وتكذيبهم رسوله. { فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً } يقول: فصيرناهم بـمنزلة الغُثاء، وهو ما ارتفع علـى السيـل ونـحوه، كما لا ينتفع به فـي شيء. فإنـما هذا مَثَل، والـمعنى: فأهلكناهم فجعلناهم كالشيء الذي لا منفعة فـيه. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس: { فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً فَبُعْداً للْقَوْمِ الظَّالِـمِينَ } يقول: جعلوا كالشيء الـميت البـالـي من الشجر. حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى. وحدثنـي الـحارث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: { غُثاءً } كالرميـم الهامد، الذي يحتـمل السيـل. حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جُرَيج: { فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً } قال: كالرميـم الهامد الذي يحتـمل السيـل. حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قَتادة: { فجَعَلْناهُمْ غُثاءً } قال: هو الشيء البـالـي. حدثنا الـحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قَتادة، مثله. حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله: { فجَعَلْناهُمْ غُثاءً } قال: هذا مثل ضربه الله. وقوله: { فَبُعْداً للْقَوْمِ الظَّالِـمِينَ } يقول: فأبعد الله القوم الكافرين بهلاكهم، إذ كفروا بربهم وعَصَوا رسله وظلـموا أنفسهم. حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مـجاهد، قال: أولئك ثمود، يعنـي قوله: { فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً فَبُعْدا للْقَوْمِ الظَّالِـمِينَ }.