الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ } * { قَالُواْ رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَآلِّينَ }

يقول تعالـى ذكره: يقال لهم: { أَلَمْ تَكُنْ آياتِـي تُتْلَـى عَلَـيْكُمْ } يعنـي آيات القرآن تتلـى علـيكم فـي الدنـيا، { فَكُنْتُـمْ بِها تُكَذّبُونَ }. وترك ذكر «يقال» لدلالة الكلام علـيه. { قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَـيْنا شِقْوَتُنا } اختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الـمدينة والبصرة وبعض أهل الكوفة: { غَلَبَت عَلَـيْنا شِقْوَتُنا } بكسر الشين، وبغير ألف. وقرأته عامة قرّاء أهل الكوفة: «شَقاوَتُنا» بفتـح الشين والألف. والصواب من القول فـي ذلك أنهما قراءتان مشهورتان، وقرأ بكل واحدة منهما علـماء من القرّاء بـمعنى واحد، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب. وتأويـل الكلام: قالوا: ربنا غلبت علـينا ما سبق لنا فـي سابق علـمك وخطّ لنا فـي أمّ الكتاب. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن مـحمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبـي بَزَّة، عن مـجاهد، قوله: { غَلَبْتَ عَلَـيْنا شِقْوَتُنا } قال: التـي كتبت علـينا. حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قوله: { غَلَبَتْ عَلَـيْنا شِقْوَتُنا } التـي كتبت علـينا. حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مـجاهد، مثله. وقال: قال ابن جريج: «بلغنا أن أهل النار نادوا خَزَنة جهنـم: أنُ ادْعوا ربكم يخفف عنا يوماً من العذاب فلـم يجيبوهم ما شاء الله فلـما أجابوهم بعد حين قالوا: ادعوا وما دعاء الكافرين إلا فـي ضلال. قال: ثم نادوا مالكاً: يا مالك لـيقضِ علـينا ربك فسكت عنهم مالك خازن جهنـم أربعين سنة، ثم أجابهم فقال: إنَّكُمْ ماكِثُونَ. ثم نادى الأشقـياء ربهم، فقالوا: { رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَـيْنا شِقْوَتُنا وكُنَّا قَوْماً ضَالِّـينَ رَبَّنا أخْرِجْنا مِنْها فإنْ عُدْنا فإنَّا ظالِـمُونَ } فسكت عنهم مثل مقدار الدنـيا، ثم أجابهم بعد ذلك تبـارك وتعالـى:اخْسَئُوا فِـيها وَلا تُكَلِّـمُونِ } قال: ثنـي حجاج، عن أبـي بكر بن عبد الله، قال: " ينادِي أهل النار أهل الـجنة فلا يجيبونهم ما شاء الله، ثم يقول: أجيبوهم وقد قطع الرَّحِمَ والرحمة. فـيقول أهل الـجنة: يا أهل النار علـيكم غضب الله يا أهل النار علـيكم لعنة الله يا أهل النار، لا لَبَّـيْكم ولا سَعْدَيْكم ماذا تقولون؟ فـيقولون: ألـم نك فـي الدنـيا آبـاءكم وأبناءكم وإخوانكم وعشيرتكم؟ فـيقولون: بلـى. فـيقولون: { أفِـيضُوا عَلَـيْنا مِنَ الـمَاءِ أوْ مِـما رَزَقَكُمُ اللّهُ قالُوا إنَّ اللّهَ حَرَّمَهُما عَلـى الكافِرِينَ } " قال: ثنـي حجاج، عن أبـي معشر، عن مـحمد بن كعب القُرَظيّ قال: وثنـي عَبْدة الـمُرُوزِيّ، عن عبد الله بن الـمبـارك، عن عمرو بن أبـي لـيـلـى، قال: سمعت مـحمد بن كعب، زاد أحدهما علـى صاحبه، قال مـحمد بن كعب: بلغنـي، أو ذُكر لـي، أن أهل النار استغاثوا بـالـخَزَنة، ادعوا ربكم يخفف عنا يوماً من العذاب فردّوا علـيهم ما قال الله فلـما أيسوا نادَوا: يا مالك وهو علـيهم، وله مـجلس فـي وسطها، وجسور تـمرّ علـيها ملائكة العذاب، فهو يرى أقصاها كما يرى أدناها فقالوا: يا مالك، لـيقض علـينا ربك سألوا الـموت.

السابقالتالي
2