الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ }

اختلف أهل التأويـل فـي الـمعنىّ بقوله: { فإذَا نُفِخَ فـي الصُّور } من النفختـين أيُتهما عُنِـيَ بها؟ فقال بعضهم: عُنِـيَ بها النفخة الأولـى. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام بن سلـم، قال: ثنا عمرو بن مطرف، عن الـمنهال بن عمرو، عن سعيد بن جُبـير، أن رجلاً أتـى ابن عبـاس فقال: سمعت الله يقول: { فَلا أنْسابَ بَـيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ }... الآية، وقال فـي آية أخرى:وأقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلـى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ } فقال: أما قوله: { فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون } فذلك فـي النفحة الإولـى، فلا يبقـى علـى الأرض شىء، { فلا أنْساب بَـينَهـمْ يَومَئذ ولا يَـتَساءلون }.فإنهم لـما دخـلوا الـجنة أقـيـل بعضهم علـى بعض يتساءلون: وأما قوله:وأقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلـى بَعْضٍ يتساءلون } حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفـيان، عن السديّ، فـي قوله: { فإذَا نُفِخَ فـي الصُورِ فَلا أَنْسابَ بَـيْنَهُمْ يَوْمَئذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ } قال: فـي النفخة الأولـى. حدثنا علـيّ، قال: ثنا أبو صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: { فَلا أنْسابَ بَـيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ ولا يَتَساءَلُونَ } فذلك حين ينفخ فـي الصور، فلا حيّ يبقـى إلا الله.وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلـى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ } فذلك إذا بُعثوا فـي النفخة الثانـية. قال أبو جعفر: فمعنى ذلك علـى هذا التأويـل: فإذا نفخ فـي الصور، فصَعِق مَنْ فـي السموات ومَنْ فـي الأرض إلا مَنْ شاء الله، فلا أنساب بـينهم يومئذٍ يتواصلون بها، ولا يتساءلون، ولا يتزاورون، فـيتساءلون عن أحوالهم وأنسابهم. وقال آخرون: بل عُنِـيَ بذلك النفخة الثانـية. ذكر من قال ذلك: حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن فضيـل، عن هارون بن أبـي وكيع، قال: سمعت زاذان يقول: أتـيت ابن مسعود، وقد اجتـمع الناس إلـيه فـي داره، فلـم أقدر علـى مـجلس، فقلت: يا أبـا عبد الرحمن، من أجل أنـي رجل من العجم تَـحْقِرُنـي؟ قال: ادْنُ قال: فدنوت، فلـم يكن بـينـي وبـينه جلـيس، فقال: «يؤخذ بـيد العبد أو الأمة يوم القـيامة علـى رؤوس الأوّلـين والآخرين، قال: وينادِي مناد: ألا إن هذا فلان ابن فلان، فمن كان له حقّ قبله فلـيأت إلـى حقه، قال: فتفرح الـمرأة يومئذٍ أن يكون لها حقّ علـى ابنها أو علـى أبـيها أو علـى أخيها أو علـى زوجها { فَلا أنسْابَ بَـيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ.«حدثنا القاسم، قال ثنا الـحسين، قال: ثنا عيسى بن يونس، عن هارون بن عنترة، عن زاذان، قال: سمعت ابن مسعود يقول: «يؤخذ العبد أو الأمة يوم القـيامة، فـينصب علـى رؤوس الأوّلـين والآخرين، ثم ينادِي مناد، ثم ذكر نـحوه، وزاد فـيه: فـيقول الربّ تبـارك وتعالـى للعبد: أعطِ هؤلاء حقوقهم فـيقول: أي ربّ، فَنِـيتِ الدنـيا، فمن أين أعطيهم؟ فـيقول للـملائكة: خذوا من أعماله الصالـحة وأعطوا لكل إنسان بقدر طِلبته فإن كان له فضلُ مثقال حبة من خردل، ضاعفها الله له حتـى يدخـله بها الـجنة.

السابقالتالي
2