الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ }

يقول تعالـى ذكره: ولا يزال الذين كفرا بـالله فـي شكّ. ثم اختلف أهل التأويـل فـي الهاء التـي فـي قوله: «منه» من ذكر ما هي؟ فقال بعضهم: هي من ذكر قول النبـيّ صلى الله عليه وسلم: " تلك الغرانـيق العُلَـى، وإن شفـاعتهن لترتـجى " ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن بشار، قال: ثنا مـحمد، قال: ثنا شعبة، عن أبـي بشر، عن سعيد بن جُبـير: { وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِـي مِرْيَةٍ مِنْهُ } من قوله: " تلك الغرانـيق العلـى، وإن شفـاعتهن ترتـجى " حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله: { وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِـي مِرْيَةٍ مِنْهُ } قال: مـما جاءك به إبلـيس لا يخرج من قلوبهم زادهم ضلالة. وقال آخرون: بل هي من ذكر سجود النبـيّ صلى الله عليه وسلم فـي النـجم. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن الـمثنى، قال: ثنا عبد الصمد، قال: ثنا شعبة، قال: ثنا أبو بشر، عن سعيد بن جُبـير: { وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِـي مِرْيَةٍ مِنْهُ } قال: فـي مِرْية من سجودك. وقال آخرون: بل هي من ذكر القرآن. ذكر من قال ذلك: حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جُرَيج: { وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِـي مِرْيَةٍ مِنْهُ } قال: من القرآن. وأولـى هذه الأقوال فـي ذلك بـالصواب، قول من قال: هي كناية من ذكر القرآن الذي أحكم الله آياته وذلك أن ذلك من ذكر قوله:وَلِـيَعْلَـمَ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْـمَ أنَّهُ الْـحَقُّ مِنْ رَبِّكَ } أقرب منه من ذكر قوله:فَـيَنُسَخُ اللَّهُ ما يُـلْقـي الشَّيْطانُ } والهاء من قوله «أنه» من ذكر القرآن، فإلـحاق الهاء فـي قوله: { فِـي مِرْيَةٍ مِنْهُ } بـالهاء من قوله: { أنَّهُ الـحَقُّ مِنْ رَبِّكَ } أولـى من إلـحاقها ب «ما» التـي فـي قوله: { ما يُـلْقِـي الشَّيْطانُ } مع بُعد ما بـينهما. وقوله: { حتـى تَأْتـيَهُمُ السَّاعَةُ } يقول: لا يزال هؤلاء الكفـار فـي شك من أمر هذا القرآن إلـى أن تأتـيهم الساعة { بَغْتَةً } وهي ساعة حشر الناس لـموقـف الـحساب بغتة، يقول: فجأة. { أوْ يَأْتـيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِـيـمٍ } } واختلف أهل التأويل فـي هذا الـيوم أيّ يوم هو؟ فقال بعضهم: هو يوم القـيامة. ذكر من قال ذلك: حدثنـي يعقوب، قال: ثنا هشيـم، قال: ثنا شيخ من أهل خراسان من الأزد يكنـي أبـا ساسان، قال: سألت الضحاك، عن قوله: { عَذَابُ يَوْمٍ عَقِـيـمٍ } قال: عذاب يوم لا لـيـلة بعده. حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنا أبوُ تـمَيـلة، عن أبـي حمزة، عن جابر، عن عكرِمة. أن يوم القـيامة لا لـيـلة له. وقال آخرون: بل عنـي به يوم بدر. وقالوا: إنـما قـيـل له يوم عقـيـم، أنهم لـم ينظروا إلـى اللـيـل، فكان لهم عقـيـماً.

السابقالتالي
2