الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِّن دُونِنَا لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلاَ هُمْ مِّنَّا يُصْحَبُونَ }

يقول تعالـى ذكره: ألهؤلاء الـمستعجلـي ربهم بـالعذاب آلهة تـمنعهم، إن نـحن أحللنا بهم عذابنا، وأنزلنا بهم بأسنا من دوننا؟ ومعناه: أم لهم آلهة من دوننا تـمنعهم منا؟ ثم وصف جلّ ثناؤه الآلهة بـالضعف والـمهانة، وما هي به من صفتها، فقال: وكيف تستطيع آلهتهم التـي يدعونها من دوننا أن تـمنعهم منا وهي لا تستطيع نصر أنفسها. وقوله: { وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ } اختلف أهل التأويـل فـي الـمعنـيّ بذلك، وفـي معنى «يُصْحَبُون»، فقال بعضهم: عنـي بذلك الآلهة، وأنها لا تصحب من الله بخير. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { أمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَـمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أنْفُسِهِمْ } يعنـي الآلهة. { وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ } يقول: لا يُصحبون من الله بخير. وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولا هم منا ينصرون. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن عبد الأعلـى، قال: ثنا أبو ثور، عن معمر، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: { وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ } قال: لا ينصرون. حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عبـاس، قوله: { أمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَـمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا } إلـى قوله: { يُصْحَبُونَ } قال: ينصرون. قال: قال مـجاهد: ولا هم يُحْفظون. حدثنا علـيّ، قال: ثنا أبو صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: { وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ } يُجَارُون... ذكر من قال ذلك: حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: { وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ } يقول: ولا هم منا يجارون، وهو قوله:وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَـيْهِ } يعنـي الصاحب، وهو الإنسان يكون له خفـير مـما يخاف، فهو قوله يصحبون. قال أبو جعفر: وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب قول من قال هذا القول الذي حكيناه عن ابن عبـاس، وأن { هُمْ } من قوله: { وَلا هُمْ } من ذكر الكفـار، وأن قوله: { يُصْحَبُونَ } بـمعنى: يُجارون يُصْحبون بـالـجوار لأن العرب مـحكيّ عنها: أنا لك جار من فلان وصاحب، بـمعنى: أجيرك وأمنعك، وهم إذا لـم يصحبوا بـالـجوار، ولـم يكن لهم مانع من عذاب الله مع سخط الله علـيهم، فلـم يصحبوا بخير ولم ينصروا.