الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ خُلِقَ ٱلإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ } * { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }

يقول تعالـى ذكره: { خُـلِقَ الإنْسانُ } يعنـي آدم { مِنْ عَجَلٍ }. واختلف أهل التأويل في تأويله، فقال بعضهم: معناه: من عَجَل فـي بنـيته وخـلقته كان من العجلة، وعلـى العجلة. ذكر من قال ذلك: حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن يـمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد فـي قوله: { خُـلِقَ الإنْسانُ مِنْ عَجَلٍ } قال: لـما نفخ فـيه الروح فـي ركبتـيه ذهب لـينهض، فقال الله: { خُـلِقَ الإنْسانُ مِنْ عَجَلٍ }. حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ، قال: لـما نُفخ فـيه يعنـي فـي آدم الروح، فدخـل فـي رأسه عطس، فقالت الـملائكة: قل الـحمد لله فقال: الـحمد لله. فقال الله له: رحمك ربك فلـما دخـل الروح فـي عينـيه نظر إلـى ثمار الـجنة، فلـما دخـل فـي جوفه اشتهى الطعام، فوثب قبل أن تبلغ الروح رجلـيه عجلان إلـى ثمار الـجنة فذلك حين يقول: { خُـلِقَ الإنْسانُ مِنْ عَجَلٍ } يقول: خـلق الإنسان عجولاً. حدثنا ابن عبد الأعلـى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة: { خُـلِقَ الإنْسانُ مِنْ عَجَلٍ } قال: خـلق عجولاً. وقال آخرون: معناه: خـلق الإنسان من عجل، أي من تعجيـل فـي خـلق الله إياه ومن سرعة فـيه وعلـى عجل. وقالوا: خـلقه الله فـي آخر النهار يوم الـجمعة قبل غروب الشمس علـى عجل فـي خـلقه إياه قبل مغيبها. ذكر من قال ذلك: حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثنـي الـحرث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، فـي قول الله: { خُـلِقَ الإنْسانُ مِنْ عَجَلٍ } قال: قول آدم حين خُـلق بعد كلّ شيء آخر النهار من يوم خـلق الـخـلق، فلـما أحيا الروح عينـيه ولسانه ورأسه ولـم تبلغ أسفله، قال: يا ربّ استعجل بخـلقـي قبل غروب الشمس. حدثنـي الـحرث، قال ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، مثله. حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جُرَيج، قال: قال مـجاهد: { خُـلِقَ الإنْسانُ مِنْ عَجَلٍ } قال آدم حين خُـلق بعد كلّ شيء ثم ذكر نـحوه، غير أنه قال فـي حديثه: استعجلْ بخـلقـي فقد غربت الشمس. حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله: { خُـلِقَ الإنْسانُ مِنْ عَجَلٍ } قال: علـى عجل آدم آخر ذلك الـيوم من ذينك الـيومين، يريد يوم الـجمعة، وخـلقه علـى عجل، وجعله عجولاً. وقال بعض أهل العربـية من أهل البصرة مـمن قال نـحو هذه الـمقالة: إنـما قال: { خُـلِقَ الإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ } وهو يعنـي أنه خـلقه من تعجيـل من الأمر، لأنه قال: { إنَّـمَا قَوْلُنا لِشَيْء إذَا أرَدْناهُ أنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَـيَكُونُ } قال: فهذا العجل. وقوله: { فَلا تَسْتَعْجِلُونِ } إنّـي { سأُرِيكُمْ آياتـي }.

السابقالتالي
2 3