الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ يٰوَيْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } * { فَمَا زَالَت تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّىٰ جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِينَ }

يقول تعالـى ذكره: قال هؤلاء الذين أحلّ الله بهم بأسه بظلـمهم لـما نزل بهم بأس الله: يا ويـلنا إنا كنا ظالـمين بكفرنا بربنا { فما زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ } يقول: فلـم تزل دعواهم، حين أتاهم بأس الله، بظلـمهم أنفسهم: { يا وَيْـلَنا إنَّا كُنَّا ظالِـمِينَ } حتـى قتلهم الله، فحصدهم بـالسيف كما يُحْصَد الزرع ويستأصل قَطْعا بـالـمناجل. وقوله: { خامِدِينَ } يقول: هالكين قد انطفأت شرارتهم، وسكنت حركتهم، فصاروا همودا كما تـخمد النار فتطفأ. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنا بِشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ... } الآية. فلـما رأوا العذاب وعاينوه لـم يكن لَهُمْ هِجِّيرَي إلا قولهم: { يا وَيْـلَنا إنَّا كُنَّا ظالِـمِينَ } حتـى دمَّر الله علـيهم وأهلكهم. حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: ثنا مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: { قالُوا يا وَيْـلَنا إنَّا كُنَّا ظالِـمِينَ فمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حتـى جَعَلْناهُمْ حَصِيدا خامِدِينَ } يقول: حتـى هلكوا. حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قال ابن عبـاس: { حَصِيدا } الـحصاد. { خامدين } خمود النار إذا طفئت. حدثنا سعيد بن الربـيع، قال: ثنا سفـيان، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قال: إنهم كانوا أهل حصون، وإن الله بعث علـيهم بختنصر، فبعث إلـيهم جيشا فقتلهم بـالسيف، وقتلوا نبـيًّا لهم فحُصِدوا بـالسيف وذلك قوله: { فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حتـى جَعَلْناهُمْ حَصِيدا خامِدِينَ } بـالسيف.