الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ يَوْمَ نَطْوِي ٱلسَّمَآءَ كَطَيِّ ٱلسِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَآ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ }

يقول تعالـى ذكره: لا يحزنهم الفزع الأكبر، يوم نطوي السماء. فـ «يوم» من صلة «يحزنهم». واختلف أهل التأويـل فـي معنى السجلّ الذي ذكره الله فـي هذا الـموضع، فقال بعضهم: هو اسم ملَك من الـملائكة. ذكر من قال ذلك: حدثناأبو كريب، قال: ثنا ابن يمان، قال: ثنا أبو الوفـاء الأشجعيّ، عن أبـيه، عن ابن عمر، فـي قوله: { يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيّ السِّجلّ للْكِتَابِ } قال: السجِلّ: مَلَك، فإذا صعد بـالاستغفـار قال: اكتبها نوراً. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفـيان، قال: سمعت السديّ يقول، فـي قوله: { يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيّ السِّجِلّ } قال: السجلّ: ملَك. وقال آخرون: السجل: رجل كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم. ذكر من قال ذلك: حدثنا نصر بن علـيّ، قال: ثنا نوح بن قـيس، قال: ثنا عمرو بن مالك، عن أبـي الـجوزاء، عن ابن عباس فـي هذه الآية: { يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيّ السِّجِلّ لِلْكُتُبِ } قال: كان ابن عبـاس يقول: هو الرجل. قال: ثنا نوح بن قـيس، قال: ثنا يزيد بن كعب، عن عمرو بن مالك، عن أبـي الـجوزاء، عن ابن عبـاس، قال: السجلّ: كاتب كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال آخرون: بل هو الصحيفة التـي يُكتب فـيها. ذكر من قال ذلك: حدثني علـيّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن علـيّ، عن ابن عباس، قوله: { كَطَيّ السِّجِلِّ للْكِتابِ } يقول: كطيّ الصحيفة علـى الِكتاب. حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: { يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيّ السِّجِلِّ للْكِتابِ } يقول: كطيّ الصحف. حدثني مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قال: السِّجلّ: الصحيفة. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، قوله: { يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيّ السِّجِلِّ لِلْكِتابِ } قال: السجل: الصحيفة. وأولى الأقوال في ذلك عندنا بـالصواب قول من قال: السجلّ فـي هذا الـموضع الصحيفة لأن ذلك هو الـمعروف فـي كلام العرب، ولا يعرف لنبينا صلى الله عليه وسلم كاتب كان اسمه السجلّ، ولا فـي الملائكة مَلك ذلك اسمه. فإن قال قائل: وكيف تَطْوي الصحيفة بالكتاب إن كان السجلّ صحيفة؟ قيل: ليس المعنى كذلك، وإنما معناه: يوم نطوي السماء كطيّ السجلّ علـى ما فـيه من الكتاب ثم جعل نطوِي مصدرا، فقـيـل: { كَطَيّ السِّجِلّ لِلْكِتابِ } واللام فـي قوله للكتاب بـمعنى علـى. واختلف القرّاء فـي قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الأمصار، سوى أبـي جعفر القارىء: { يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ } بـالنون.

السابقالتالي
2 3