الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَآ أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَآءَهُ وَهُوَ ٱلْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَآءَ ٱللَّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ }

يعنـي بقوله جل ثناؤه: { وَإذَا قِـيـلَ لَهُمْ } وإذا قـيـل للـيهود من بنـي إسرائيـل الذين كانوا بـين ظهرانـي مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم: { آمِنُوا } أي صدّقوا، { بِـمَا أنْزَلَ اللَّهُ } يعنـي بـما أنزل الله من القرآن علـى مـحمد صلى الله عليه وسلم. { قالُوا نُؤْمِنُ } أي نصدّق، { بِـمَا أُنْزِلَ عَلَـيْنَا } يعنـي بـالتوراة التـي أنزلها الله علـى موسى. القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { وَيَكْفُرُونَ بِـمَا وَرَاءَهُ }. يعنـي جل ثناؤه بقوله: { وَيَكْفُرُونَ بِـمَا وَرَاءَهُ } ويجحدون بـما وراءه، يعنـي بـما وراء التوراة. قال أبو جعفر: وتأويـل «وراءه» فـي هذا الـموضع «سوى» كما يقال للرجل الـمتكلـم بـالـحسن: ما وراء هذا الكلام شيء، يراد به لـيس عند الـمتكلـم به شيء سوى ذلك الكلام فكذلك معنى قوله: { وَيَكْفُرُونَ بِـمَا وَرَاءَهُ } أي بـما سوى التوراة وبـما بعده من كتب الله التـي أنزلها إلـى رسله. كما: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: { وَيَكُفُرُونَ بِـمَا وراءَهُ } يقول: بـما بعده. حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا آدم، قال: ثنا أبو جعفر، عن الربـيع، عن أبـي العالـية: { وَيَكْفُرُونَ بِـمَا وَرَاءَهُ } أي بـما بعده، يعنـي بـما بعد التوراة. حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن الربـيع: { وَيَكْفُرُونَ بِـمَا وَرَاءَهُ } يقول: بـما بعده. القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { وَهُوَ الـحَقّ مُصَدّقاً لِـمَا مَعَهُمْ }. يعنـي بقوله جل ثناؤه: { وهُوَ الـحَقُّ مُصدّقاً } أي ما وراء الكتاب الذي أنزل علـيهم من الكتب التـي أنزلها الله إلـى أنبـيائه الـحق. وإنـما يعنـي بذلك تعالـى ذكره القرآن الذي أنزله إلـى مـحمد صلى الله عليه وسلم. كما: حدثنـي موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسبـاط، عن السدي: { وَإذَا قِـيـلَ لَهُمْ آمِنُوا بِـمَا أنْزَلَ اللَّهُ قالُوا نُؤْمِنُ بِـمَا أُنْزِلَ عَلَـيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِـمَا وَرَاءَهُ } وهو القرآن. يقول الله جل ثناؤه: { وَهُوَ الـحَقُّ مُصَدّقاً لِـمَا مَعَهُمْ }. وإنـما قال جل ثناؤه: { مُصَدّقاً لِـمَا مَعَهُمْ } لأن كتب الله يصدّق بعضها بعضاً ففـي الإنـجيـل والقرآن من الأمر بـاتبـاع مـحمد صلى الله عليه وسلم والإيـمان به وبـما جاء به، مثل الذي من ذلك فـي توراة موسى علـيه السلام فلذلك قال جل ثناؤه للـيهود إذ خبرهم عما وراء كتابهم الذي أنزله علـى موسى صلوات الله علـيه من الكتب التـي أنزلها إلـى أنبـيائه: { إنّهُ الـحَقُّ } مُصَدّقاً للكتاب الذي معهم، يعنـي أنه له موافق فـيـما الـيهود به مكذّبون. قال: وذلك خبر من الله أنهم من التكذيب بـالتوراة علـى مثل الذي هم علـيه من التكذيب بـالإنـجيـل والفرقان، عناداً لله وخلافـاً لأمره وبغياً علـى رسله صلوات الله علـيهم. القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { قُلْ لـمَ تَقْتُلُونَ أنبـياءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إنْ كُنْتُـمْ مُؤْمِنِـينَ }.

السابقالتالي
2 3