الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذِ ٱسْتَسْقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْحَجَرَ فَٱنفَجَرَتْ مِنْهُ ٱثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ ٱللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ مُفْسِدِينَ }

يعنـي بقوله: { وَإِذِ ٱسْتَسْقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ }: وإذ استسقانا موسى لقومه: أي سألنا أن نسقـي قومه ماء. فترك ذكر الـمسؤول ذلك، والـمعنى الذي سأل موسى، إذ كان فـيـما ذكر من الكلام الظاهر دلالة علـى معنى ما ترك. وكذلك قوله: { فَقُلْنَا ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْحَجَرَ فَٱنفَجَرَتْ مِنْهُ ٱثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً } مـما استغنـي بدلالة الظاهر علـى الـمتروك منه. وذلك أن معنى الكلام، فقلنا: اضرب بعصاك الـحجر، فضربه فـانفجرت. فترك ذكر الـخبر عن ضرب موسى الـحجر، إذ كان فـيـما ذكر دلالة علـى الـمراد منه. وكذلك قوله: { قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ } إنـما معناه: قد علـم كل أناس منهم مشربهم، فترك ذكر منهم لدلالة الكلام علـيه. وقد دللنا فـيـما مضى علـى أن الناس جمع لا واحد له من لفظه، وأن الإنسان لو جمع علـى لفظه لقـيـل: أناسيّ وأناسية. وقوم موسى هم بنو إسرائيـل الذين قصّ الله عز وجل قصصهم فـي هذه الآيات، وإنـما استسقـى لهم ربه الـماء فـي الـحال التـي تاهوا فـيها فـي التـيه، كما: حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد بن زريع، عن سعيد بن أبـي عروبة، عن قتادة قوله: { وَإِذِ ٱسْتَسْقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ } الآية قال: كان هذا إذ هم فـي البرية اشتكوا إلـى نبـيهم الظمأ، فأمروا بحجر طوريّ أي من الطور أن يضربه موسى بعصاه، فكانوا يحملونه معهم، فإذا نزلوا ضربه موسى بعصاه، فـانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً، لكل سبط عين معلومة مستفـيض ماؤها لهم. حدثنـي تـميـم بن الـمنتصر، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: حدثنا أصبغ بن زيد، عن القاسم بن أبـي أيوب، عن سعيد بن جبـير، عن ابن عبـاس، قال: ذلك فـي التـيه ظلل علـيهم الغمام، وأنزل علـيهم الـمنّ والسلوى، وجعل لهم ثـيابـاً لا تبلـى ولا تتسخ، وجعل بـين ظهرانـيهم حجر مربَّع، وأمر موسى فضرب بعصاه الـحجر، فـانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً فـي كل ناحية منه ثلاث عيون، لكل سبط عين، ولا يرتـحلون مَنْقلة إلا وجدوا ذلك الـحجر معهم بـالـمكان الذي كان به معهم فـي الـمنزل الأول. حدثنـي عبد الكريـم، قال: أخبرنا إبراهيـم بن بشار، قال: حدثنا سفـيان، عن أبـي سعيد، عن عكرمة عن ابن عبـاس، قال: ذلك فـي التـيه، ضرب لهم موسى الـحجر، فصار فـيه اثنتا عشرة عيناً من ماء، لكل سبط منهم عين يشربون منها. وحدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: { فَقُلْنَا ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْحَجَرَ فَٱنفَجَرَتْ مِنْهُ ٱثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً } لكل سبط منهم عين، كل ذلك كان فـي تـيههم حين تاهوا. حدثنا القاسم بن الـحسن، قال: حدثنا الـحسين، قال: حدثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد قوله: { وَإِذِ ٱسْتَسْقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ } قال: خافوا الظمأ فـي تـيههم حين تاهوا، فـانفجر لهم الـحجر اثنتـي عشرة عينا ضربه موسى.

السابقالتالي
2 3