الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَٰئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَٱسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلْكَٰفِرِينَ }

قال أبو جعفر: أما قوله: { وَإِذْ قُلْنَا } فمعطوف علـى قوله:وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَٰئِكَةِ } [البقرة: 30] كأنه قال جل ذكره للـيهود الذين كانوا بـين ظهرانـي مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم من بنـي إسرائيـل معدّدا علـيهم نعمه، ومذكرهم آلاءه علـى نـحو الذي وصفنا فـيـما مضى قبل: اذكروا فعلـي بكم إذ أنعمت علـيكم، فخـلقت لكم ما فـي الأرض جميعاً، وإذ قلت للـملائكة إنـي جاعل فـي الأرض خـلـيفة، فكرّمت أبـاكم آدم بـما آتـيته من علـمي وفضلـي وكرامتـي، وإذ أسجدت له ملائكتـي فسجدوا له. ثم استثنى من جميعهم إبلـيس، فدل بـاستثنائه إياه منهم علـى أنه منهم، وأنه مـمن قد أُمِرَ بـالسجود معهم، كما قال جل ثناؤه:إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِّنَ ٱلسَّاجِدِينَ * قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ } [الأعراف: 11-12] فأخبر جل ثناؤه أنه قد أمر إبلـيس فـيـمن أمره من الـملائكة بـالسجود لآدم. ثم استثناءه جل ثناؤه مـما أخبر عنهم أنهم فعلوه من السجود لآدم، فأخرجه من الصفة التـي وصفهم بها من الطاعة لأمره ونَفَـى عنه ما أثبته لـملائكته من السجود لعبده آدم. ثم اختلف أهل التأويـل فـيه هل هو من الـملائكة أم هو من غيرهم؟ فقال بعضهم بـما: حدثنا به أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، عن بشر بن عمارة، عن أبـي روق عن الضحاك، عن ابن عبـاس، قال: كان إبلـيس من حيّ من أحياء الـملائكة، يقال لهم «الـجنّ»، خـلقوا من نار السموم من بـين الـملائكة. قال: فكان اسمه الـحارث. قال: وكان خازنا من خزان الـجنة. قال: وخـلقت الـملائكة من نور غير هذا الـحيّ. قال: وخـلقت الـجنّ الذين ذكروا فـي القرآن من مارج من نار، وهو لسان النار الذي يكون فـي طرفها إذا التهبت. وحدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، عن خلاد، عن عطاء، عن طاوس، عن ابن عبـاس، قال: كان إبلـيس قبل أن يركب الـمعصية من الـملائكة اسمه عزازيـل، وكان من سكان الأرض وكان من أشدّ الـملائكة اجتهاداً وأكثرهم علـماً، فذلك دعاه إلـى الكبر، وكان من حيّ يسمون جنًّا.وحدثنا به ابن حميد مرة أخرى، قال: حدثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، عن خلاد، عن عطاء، عن طاوس، أو مـجاهد أبـي الـحجاج، عن ابن عبـاس وغيره بنـحوه، إلا أنه قال: كان ملكاً من الـملائكة اسمه عزازيـل، وكان من سكان الأرض وعمّارها، وكان سكان الأرض فـيهم يسمون الـجنّ من بـين الـملائكة. وحدثنـي موسى بن هارون قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسبـاط، عن السدي فـي خبر ذكره عن أبـي مالك، وعن أبـي صالـح، عن ابن عبـاس، وعن مرة، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبـي صلى الله عليه وسلم: جعل إبلـيس علـى ملك سماء الدنـيا، وكان من قبـيـلة من الـملائكة يقال لهم الـجنّ، وإنـما سموا الـجن لأنهم خزّان الـجنة، وكان إبلـيس مع ملكه خازناً.

السابقالتالي
2 3 4 5