الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }

حدثنا يعقوب بن إبراهيـم، قال: ثنا معتـمر، عن أيـمن بن نابل، قال: حدثنـي شيخ من غافق: أن أبـا الدرداء كان ينظر إلـى الـخيـل مربوطة بـين البراذين والهجن، فـيقول: أهل هذه ـ يعنـي الـخيـل ـ من الذين ينفقون أموالهم بـاللـيـل والنهار سرًّا وعلانـية، فلهم أجرهم عند ربهم، ولا خوف علـيهم ولا هم يحزنون. وقال آخرون: عنى بذلك قوماً أنفقوا فـي سبـيـل الله فـي غير إسراف ولا تقتـير. ذكر من قال ذلك: حدثنـي بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: { ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوٰلَهُمُ } إلـى قوله: { وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } هؤلاء أهل الـجنة ذكر لنا أن نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: " الـمُكْثِرُونَ هم الأسْفَلُونَ " قالوا: يا نبـيّ الله إلاَّ مَنْ؟ قال: " الـمُكْثِرُونَ هُمْ الأسْفَلُونَ " ، قالوا: يا نبـيّ الله إلا مَن؟ حتـى خشوا أن تكون قد مضت فلـيس لها ردّ، حتـى قال: " إِلاَّ مَنْ قَالَ بـالـمَالِ هَكَذَا وَهَكَذَا " عَنْ يَـمِينِهِ وَعَنْ شِمالِهِ، «وَهَكَذَا» بـين يَدَيْهِ «وَهَكَذَا» خَـلْفَهُ، " وَقَلِـيـلٌ مَا هُمْ، هَؤلاءِ قَوْمٌ أنْفَقُوا فِـي سَبِـيـلِ اللَّهِ الَّتِـي افْتَرَضَ وَارْتَضَى فِـي غَيْرِ سَرَفٍ وَلا إِمْلاقٍ وَلا تَبْذِيرٍ وَلاَ فَسَادٍ " وقد قـيـل: إن هذه الآيات من قوله:إِن تُبْدُواْ ٱلصَّدَقَـٰتِ فَنِعِمَّا هِىَ } [البقرة: 271] إلـى قوله: { وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } كان مـما يعمل به قبل نزول ما فـي سورة براءة من تفصيـل الزكوات، فلـما نزلت براءة قصروا علـيها. ذكر من قال ذلك: حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس:إِن تُبْدُواْ ٱلصَّدَقَـٰتِ فَنِعِمَّا هِىَ } [البقرة: 271] إلـى قوله: { وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } فكان هذا يعمل به قبل أن تنزل براءة، فلـما نزلت براءة بفرائض الصدقات وتفصيـلها انتهت الصدقات إلـيها.