الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَآ أَن يَتَرَاجَعَآ إِن ظَنَّآ أَن يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }

اختلف أهل التأويـل فـيـما دلّ علـيه هذا القول من الله تعالـى ذكره فقال بعضهم: دلّ علـى أنه إن طلق الرجل امرأته التطلـيقة الثالثة بعد التطلـيقتـين اللتـين قال الله تعالـى ذكره فـيهما:ٱلطَّلَٰقُ مَرَّتَانِ } [البقرة: 229] فإن امرأته تلك لا تـحلّ له بعد التطلـيقة الثالثة حتـى تنكح زوجاً غيره، يعنـي به غير الـمطلق. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: جعل الله الطلاق ثلاثاً، فإذا طلقها واحدة فهو أحقّ بها ما لـم تنقض العدة، وعدتها ثلاث حيض، فإن انقضت العدة قبل أن يكون راجعها فقد بـانت منه، وصارت أحق بنفسها، وصار خاطبـاً من الـخطاب، فكان الرجل إذا أراد طلاق أهله نظر حيضتها، حتـى إذا طهرت طلقها تطلـيقة فـي قُبْل عدتها عند شاهدي عدل، فإن بدا له مراجعتها راجعها ما كانت فـي عدتها، وإن تركها حتـى تنقضي عدتها فقد بـانت منه بواحدة، وإن بدا له طلاقها بعد الواحدة وهي فـي عدتها نظر حيضتها، حتـى إذا طهرت طلقها تطلـيقة أخرى فـي قُبْل عدتها، فإن بدا له مراجعتها راجعها، فكانت عنده علـى واحدة، وإن بدا له طلاقها طلقها الثالثة عند طهرها، فهذه الثالثة التـي قال الله تعالـى ذكره: { فَلا تَـحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حّتـى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ }. حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالـح، قال: ثنـي معاوية بن صالـح، عن علـيّ بن أبـي طلـحة، عن ابن عبـاس قوله: { فإنْ طَلَّقَها فَلا تَـحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حّتـى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ } يقول: إن طلقها ثلاثاً، فلا تـحلّ حتـى تنكح زوجاً غيره. حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنا هشيـم، قال: أخبرنا جويبر، عن الضحاك، قال: إذا طلق واحدة أو ثنتـين فله الرجعة ما لـم تنقض العدة، قال: والثالثة قوله: { فإنْ طَلَّقَها } يعنـي بـالثالثة فلا رجعة له علـيها حتـى تنكح زوجاً غيره. حدثنا يحيى بن أبـي طالب، قال: ثنا يزيد، قال: أخبرنا جويبر، عن الضحاك، بنـحوه. حدثنـي موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسبـاط، عن السدي: { فإنْ طَلَّقَها } بعد التطلـيقتـين فلا تـحلّ له من بعد حتـى تنكح زوجاً غيره، وهذه الثالثة. وقال آخرون: بل دلّ هذا القول علـى ما يـلزم مسرح امرأته بإحسان بعد التطلـيقتـين اللتـين قال الله تعالـى ذكره فـيهما:ٱلطَّلَٰقُ مَرَّتَانِ } [البقرة: 229]. قالوا: وإنـما بـين الله تعالـى ذكره بهذا القول عن حكم قوله:أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَٰنٍ } [البقرة: 229] وأعْلَـمَ أنه إن سرح الرجل امرأته بعد التطلـيقتـين فلا تـحلّ له الـمسرّحة كذلك إلا بعد زوج. ذكر من قال ذلك: حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: { فإنْ طَلّقَها فَلا تَـحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حّتـى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ } قال: عاد إلـى قوله:

السابقالتالي
2 3 4 5 6