الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ عِتِيّاً }

يقول تعالـى ذكره، ثم لنأخذنَ من كلّ جماعة منهم أشدّهم علـى الله عتوّاً، وتـمرّداً فلنبدأنّ بهم. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفـيان، عن علـيّ بن الأقمر، عن أبـي الأحوص { ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلّ شِيعَةٍ أيُّهُمْ أشَدُّ عَلـى الرَّحْمَنِ عِتِـيًّا } قال: نبدأ بـالأكابر فـالأكابر جرماً. حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: { ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلّ شِيعَةٍ أيُّهُمْ أشَدُّ عَلـى الرَّحْمَنِ عِتِـيًّا } يقول: أيهم أشدّ للرحمن معصية، وهي معصيته فـي الشرك. حدثنـي علـيّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: { أيُّهُمْ أشَدُّ عَلـى الرَّحْمَنِ عِتِـيًّا } يقول: عصياً. حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى. وحدثنـي الـحارث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قوله: { مِنْ كُلّ شِيعَةٍ } قال: أمة. وقوله { عِتِـيًّا } قال: كفراً. حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثله، وزاد فـيه ابن جريج: فلنبدأنّ بهم. قال أبو جعفر: والشيعة هم الـجماعة الـمتعاونون علـى الأمر من الأمور، يقال من ذلك: تشايع القوم: إذا تعاونوا ومنه قولهم للرجل الشجاع: إنه لـمشيع: أي معان، فمعنى الكلام: ثم لننزعنّ من كلّ جماعة تشايعت علـى الكفر بـالله، أشدّهم علـى الله عتوّا، فلنبدأنّ بإصلائه جهنـم. والتشايع فـي غير هذا الـموضع: التفرّق ومنه قول الله عزّ ذكره:وكانُوا شيَعاً } يعنـي: فرقاً ومنه قول ابن مسعود أو سعد. إنـي أكره أن آتـي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فـيقول: شيَّعت بـين أمتـي، بـمعنى: فرّقت.