الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ إِنِّي عَبْدُ ٱللَّهِ آتَانِيَ ٱلْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً } * { وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِٱلصَّلاَةِ وَٱلزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً }

يقول تعالـى ذكره: فلـما قال قوم مريـم لهاكَيْفَ نُكَلِّـمُ مَنْ كانَ فِـي الـمَهْدِ صَبِـيًّا } وظنوا أن ذلك منها استهزاء بهم، قال عيسى لها متكلـماً عن أمه: { إنّـي عَبْدُ اللَّهِ آتانِـيَ الكِتاب }. وكانوا حين أشارت لهم إلـى عيسى فـيـما ذُكر عنهم غضبوا، كما: حدثنـي موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ، قال: لـما أشارت لهم إلـى عيسى غضبوا، وقالوا: لسخريتها بنا حين تأمرنا أن نكلـم هذا الصبـيّ أشدّ علـينا من زناهاقالُوا كَيْفَ نُكَلِّـمُ مَنْ كانَ فِـي الـمَهْدِ صَبِـيًّا } حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، عمن لا يتهم، عن وهب بن منبهقالُوا كَيْفَ نُكَلِّـمُ مَنْ كانَ فِـي الـمَهْدِ صَبِـيًّا } فأجابهم عيسى عنها فقال لهم { إنّـي عَبْدُ اللَّهِ آتانِـيَ الكِتابَ وَجَعَلَنِـي نَبِـيًّا... } الآية. حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله:قالُوا كَيْفَ نُكَلِّـمُ مَنْ كانَ فِـي الـمَهْدِ صَبِـيًّا } قال لهم: { إنّـي عَبْدُ اللَّهِ آتانِـيَ الكِتابَ وَجَعَلَنِـي نَبِـيًّا } فقرأ حتـى بلغولَـمْ يَجْعَلْنِـي جَبَّـاراً شَقِـيًّا } فقالوا: إن هذا لأمر عظيـم. حُدثت عن الـحسين، قال: سمعت أبـا معاذ يقول: أخبرنا عبـيد بن سلـيـمان، قال: سمعت الضحاك يقول: { كَيْفَ نُكَلِّـمُ مَنْ كانَ فِـي الـمَهْدِ صَبِـيًّا قال إنّـي عَبْدُ اللَّهِ } لـم يتكلـم عيسى إلا عند ذلك حينقالُوا كَيْفَ نُكَلِّـمُ مَنْ كانَ فِـي الـمَهْدِ صَبِـيًّا } وقوله: { آتانِـيَ الكِتابَ } يقول القائل: أو آتاه الكتاب والوحي قبل أن يخـلق فـي بطن أمه فإن معنى ذلك بخلاف ما يظنّ، وإنـما معناه: وقضى يوم قضى أمور خـلقه إلـيّ أن يؤتـينـي الكتاب، كما: حدثنـي بشر بن آدم، قال: ثنا الضحاك، يعنـي ابن مخـلد، عن سفـيان، عن سماك، عن عكرمة { قالَ آتانِـيَ الكِتابَ } قال: قضى أن يؤتـينـي الكتاب فـيـما مضى. حدثنا مـحمد بن بشار، قال: ثنا أبو عاصم، قال: أخبرنا سفـيان، عن سماك، عن عكرمة، فـي قوله { إنّـي عَبْدُ اللَّهِ آتانِـيَ الكِتابَ } قال: القضاء. حدثنا الـحسن، قال: أخبرنا عبد الرزّاق، عن إسرائيـل، عن سماك، عن عكرمة، فـي قول الله إنّـي عَبْدُ اللَّهِ آتانِـيَ الكِتابَ قال: قضى أن يؤتـينـي الكتاب. وقوله: { وَجَعَلَنِـي نَبِـيًّا } وقد بـيَّنت معنى النبـيّ واختلاف الـمختلفـين فـيه، والصحيح من القول فـيه عندنا بشواهده فـيـما مضى بـما أغنى عن إعادته. وكان مـجاهد يقول فـي معنى النبـيّ وحده ما: حدثنا به مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قال: النبـيّ وحده الذي يكلـم وينزل علـيه الوحي ولا يرسل. وقوله { وَجَعَلَنِـي مُبـارَكاً } اختلف أهل التأويـل فـي معنى ذلك، فقال بعضهم: معناه: وجعلنـي نفـاعاً. ذكر من قال ذلك: حدثنـي سلـيـمان بن عبد الرحمن بن حماد الطلـحي، قال: ثنا العلاء، عن عائشة امرأة لـيث، عن لـيث، عن مـجاهد { وَجَعَلَنِـي مُبـارَكاً } قال: نفـاعاً.

السابقالتالي
2