الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰيَحْيَىٰ خُذِ ٱلْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ ٱلْحُكْمَ صَبِيّاً } * { وَحَنَاناً مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيّاً }

يقول تعالـى ذكره: فولد لزكريا يحيى، فلـما ولد، قال الله له: يا يحيى، خذ هذا الكتاب بقوّة، يعنـي كتاب الله الذي أنزله علـى موسى، وهو التوراة. بقوّة، يقول: بجدّ. كما: حدثنا الـحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، فـي قوله: { خُذِ الكِتابَ بِقُوَّةٍ } قال: بجدّ. حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد { خُذِ الكِتابَ بِقُوَّةٍ } قال: بجدّ. حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثله. وقال ابن زيد فـي ذلك ما: حدثنـي به يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله: { يا يَحْيَى خُذِ الكِتابَ بِقُوَّةٍ } قال: القوّة: أن يعمل ما أمره الله به، ويجانب فـيه ما نهاه الله. قال أبو جعفر: وقد بـيَّنت معنى ذلك بشواهده فـيـما مضى من كتابنا هذا، فـي سورة آل عمران، فأغنى ذلك عن إعادته فـي هذا الـموضع. وقوله: { وآتَـيْناهُ الـحُكْمَ صَبِـيًّا } يقول تعالـى ذكره: وأعطيناه الفهم لكتاب الله فـي حال صبـاه قبل بلوغه أسنان الرجال. وقد: حدثنا أحمد بن منـيع، قال: ثنا عبد الله بن الـمبـارك، قال: أخبرنـي معمر، ولـم يذكره عن أحد فـي هذه الآية { وآتَـيْناهُ الـحُكْمَ صَبِـيًّا } قال: بلغنـي أن الصبـيان قالوا لـيحيى: اذهب بنا نلعب، فقال: ما للعب خُـلِقتُ، فأنزل الله: { وآتَـيْناهُ الـحُكْمَ صَبِـيًّا }. وقوله: { وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا } يقول تعالـى ذكره: ورحمة منا ومـحبة له آتـيناه الـحكم صبـيا. وقد اختلف أهل التأويـل فـي معنى الـحنان، فقال بعضهم: معناه: الرحمة، ووجهوا الكلام إلـى نـحو الـمعنى الذي وجهناه إلـيه. ذكر من قال ذلك: حدثنا علـيّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: { وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا } يقول: ورحمة من عندنا. حدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال: ثنا مـحمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن سماك، عن عكرمة، فـي هذه الآية { وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا } قال: رحمة. حدثنا الـحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، فـي قوله: { وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا } قال: رحمة من عندنا. حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنا هشيـم، قال: أخبرنا جويبر، عن الضحاك، قوله: { وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا } قال: رحمة من عندنا لا يـملك عطاءها أحد غيرنا. حُدثت عن الـحسين بن الفرج، قال: سمعت أبـا معاذ، قال: أخبرنا عبـيد بن سلـيـمان، قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله { وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا } يقول: رحمة من عندنا، لا يقدر علـى أن يعطيها أحد غيرنا. وقال آخرون: بل معنى ذلك: ورحمة من عندنا لزكريا، آتـيناه الـحكم صبـياً، وفعلنا به الذي فعلنا.

السابقالتالي
2 3