الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي ٱلْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُواْ عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْراً } * { إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي ٱلأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً } * { فَأَتْبَعَ سَبَباً }

يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: ويسألك يا مـحمد هؤلاء الـمشركون عن ذي القرنـين ما كان شأنه، وما كانت قصته، فقل لهم: سأتلو علـيكم من خبره ذكراً يقول: سأقصّ علـيكم منه خبراً. وقد قـيـل: إن الذين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر ذي القرنـين، كانوا قوما من أهل الكتاب. فأما الـخبر بأن الذين سألوه عن ذلك كانوا مشركي قومه فقد ذكرناه قبل. وأما الـخبر بأن الذين سألوه، كانوا قوماً من أهل الكتاب. فحدثنا به أبو كريب، قال: ثنا زيد بن حبـاب عن ابن لهيعة، قال: ثنـي عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، عن شيخين من نـجيب، قال: أحدهما لصاحبه: انطلق بنا إلـى عقبة بن عامر نتـحدّث، قالا: فأتـياه فقالا: جئنا لتـحدثنا، فقال: كنت يوما أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرجت من عنده، فلقـينـي قوم من أهل الكتاب، فقالوا: نريد أن نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فـاستأذن لنا علـيه، فدخـلت علـيه، فأخبرته، فقال: " مالـي ومالهم، مالـي علـم إلا ما علـمنـي الله " ، ثم قال: " اسكب لـي ماء " ، فتوضأ ثم صلـى، قال: فما فرغ حتـى عرفت السرور فـي وجهه، ثم قال: " أدخـلهم علـيّ، ومن رأيت من أصحابـي " فدخـلوا فقاموا بـين يديه، فقال: " إن شئتـم سألتـم فأخبرتكم عما تـجدونه فـي كتابكم مكتوبـاً، وإن شئتـم أخبرتكم " ، قالوا: بلـى أخبرنا، قال: " جئتـم تسألونـي عن ذي القرنـين، وما تـجدونه فـي كتابكم: كان شاباً من الروم، فجاء فبنى مدينة مصر الإسكندرية فلـما فرغ جاءه ملك فعلا به فـي السماء، فقال له ما ترى؟ فقال: أرى مدينتـي ومدائن، ثم علا به، فقال: ما ترى؟ فقال: أرى مدينتـي، ثم علا به فقال: ما ترى؟ قال: أرى الأرض، قال: فهذا ألـيـم مـحيط بـالدنـيا، إن الله بعثنـي إلـيك تعلـم الـجاهل، وتثبت العالـم، فأتـى به السدّ، وهو جبلان لـينان يَزْلَق عنهما كل شيء، ثم مضى به حتـى جاوز يأجوج ومأجوج، ثم مضى به إلـى أمة أخرى، وجوههم وجوه الكلاب يقاتلون يأجوج ومأجوج، ثم مضى به حتـى قطع به أمة أخرى يقاتلون هؤلاء الذين وجوههم وجوه الكلاب، ثم مضى حتـى قطع به هؤلاء إلـى أمة أخرى قد سماهم " واختلف أهل العلـم فـي الـمعنى الذي من أجله قـيـل لذي القرنـين: ذو القرنـين، فقال بعضهم: قـيـل له ذلك من أجل أنه ضُرِب علـى قَرنه فهلك، ثم أُحْيِـي فضُرب علـى القرن الآخر فهلك. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن عبـيد الـمُكْتِب، عن أبـي الطُّفَـيـل، قال: سأل ابن الكوّاء علـياً عن ذي القرنـين، فقال: هو عبد أحبّ الله فأحبه، وناصح الله فنصحه، فأمرهم بتقوى الله فضربوه علـى قَرْنه فقتلوه، ثم بعثه الله، فضربوه علـى قرنه فمات.

السابقالتالي
2 3