الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَٱرْتَدَّا عَلَىٰ آثَارِهِمَا قَصَصاً } * { فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَآ آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً }

يقول تعالـى ذكره: فـ { قال } موسى لفتاه { ذلكَ } يعنـي بذلك: نسيانك الـحوت { وما كُنَّا نَبْغِ } يقول: الذي كنا نلتـمس ونطلب، لأن موسى كان قـيـل له صاحبك الذي تريده حيث تنسى الـحوت، كما: حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنـي الـحرث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قوله: { ذلكَ ما كُنَّا نَبْغِ } قال موسى: فذلك حين أخبرت أنـي واجد خضراً حيث يفوتنـي الـحوت. حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثله، إلا أنه قال: حيث يفـارقنـي الـحوت. وقوله: { فـارْتَدَّا علـى آثارِهِما قَصَصَاً } يقول: فرجعا فـي الطريق الذي كانا قطعاه ناكصين علـى أديارهما يقصان آثارهما التـي كانا سلكاهما. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك، قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنـي الـحرث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قوله: { قَصصاً } قال: اتبع موسى وفتاه أثر الـحوت، فشقا البحر راجعين. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، قوله: { فـارْتَدا علـى آثارِهِما قَصَصاً } قال: اتبـاع موسى وفتاه أثر الـحوت بشقّ البحر، وموسى وفتاه راجعان وموسى يعجب من أثر الـحوت فـي البحر، ودوراته التـي غاب فـيها. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: رجعا عودهما علـى بدئهما { فـارْتَدَّا عَلـى آثارِهما قَصَصاً }. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلـمة، قال: ثنـي مـحمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عبـيد الله بن عبد الله عن ابن عبـاس، عن أبّـي بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فـي قوله: { ذلكَ ما كُنَّا نَبْغِ فـارْتَدَّا عَلـى آثارِهما قَصَصاً }: " أيْ يَقُصَّان آثارَهما حتـى انْتَهَيا إلـى مَدْخَـلِ الـحُوتِ " وقوله: { فَوَجَدَا عَبْداً مِنْ عبـادِنا آتَـيْناه رحْمَةً مِنْ عِنْدِنا } فوجد موسى وفتاه عند العمرة حين رجعا إليها عبداً من عبادنا ذكر أنه الخضر اتيناه رحمة من عندنا يقول: وهبنا له رحمة من عندنا { وَعَلَّـمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْـماً } يقول: وعلـمناه من عندنا أيضاً علـماً. كما: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { مِنْ لَدُنَّا عِلْـماً }: أي من عندنا علـماً. وكان سبب موسى صلى الله عليه وسلم وفتاه ولقائه هذا العالم الذي ذكره الله في هذا الموضع فيما ذكر أن موسى سفر سُئل: هل فـي الأرض أحد أعلـم منك؟ فقال: لا، أو حدّثته نفسه بذلك، فكره ذلك له، فأراد الله تعريفه أن من عبـاده فـي الأرض من هو أعلـم منه، وأنه لـم يكن له أن يحتـم علـى ما لا علـم له به، ولكن كان ينبغي له أن يكل إلـى عالـمه.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8