الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِٱلأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً } * { ٱلَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً }

يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: { قُلْ } يا مـحمد لهؤلاء الذين يبغون عَنَتَك ويجادلونك بـالبـاطل، ويحاورونك بـالـمسائل من أهل الكتابـين: الـيهود، والنصارى { هَلْ نُنَبِّئُكُمْ } أيها القوم { بـالأَخْسَرِينَ أعمالاً } يعنـي بـالذين أتعبوا أنفسهم فـي عمل يبغون به ربحا وفضلاً، فنالوا به عَطَبـاً وهلاكاً ولـم يدركوا طلبـاً، كالـمشتري سلعة يرجو بها فضلاً وربحاً، فخاب رجاؤه، وخسر بـيعه، ووكس فـي الذي رجا فضله. واختلف أهل التأويـل فـي الذين عُنوا بذلك، فقال بعضهم: عُنِـي به الرهبـانْ والقسوس. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا الـمقبري، قال: ثنا حيوة بن شريح، قال: أخبرنـي السكن بن أبـي كريـمة، أن أمه أخبرته أنها سمعت أبـا خميصة عبد الله بن قـيس يقول: سمعت علـيّ بن أبـي طالب يقول فـي هذه الآية { قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بـالأَخْسَرِينَ أعمالاً }: هم الرهبـان الذين حبسوا أنفسهم فـي الصوامع. حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: سمعت حيوة يقول: ثنـي السكن بن أبـي كريـمة، عن أمه أخبرته أنها سمعت عبد الله بن قـيس يقول: سمعت علـيّ بن أبـي طالب يقول، فذكر نـحوه. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفـيان، عن منصور، عن هلال بن يِساف، عن مصعب بن سعد، قال: قلت لأبـي: { وَهُمْ يَحْسَبُونَ أنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً } أهم الـحَرورية؟ قال: هم أصحاب الصوامع. حدثنا فضالة بن الفضل، قال: قال بزيع: سأل رجل الضحاك عن هذه الآية { قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بـالأَخْسَرِينَ أعمالاً } قال: هم القِسيسون والرهبـان. حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوريّ، عن منصور، عن هلال بن يِساف، عن مصعب بن سعد، قال: قال سعد: هم أصحاب الصوامع. حدثنا ابن حميد، قال ثنا جرير، عن منصور، عن مصعب ابن سعد، قال: قلت لسعد: يا أبت { هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بـالأَخْسَرِينَ أعمالاً } أهم الـحَرورية، فقال: لا، ولكنهم أصحاب الصوامع، ولكن الـحَرورية قوم زاغوا فأزاغ الله قلوبهم. وقال آخرون: بل هم جميع أهل الكتابـين. ذكر من قال ذلك: حدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال: ثنا مـحمد بن جعفر، قال ثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن مصعب بن سعد، قال: سألت أبـي عن هذه الآية { قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بـالأَخْسَرِينَ أعمالاً الَّذينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فـي الـحَياةِ الدُّنْـيا } أهم الـحَرورية؟ قال: لا، هم أهل الكتاب، الـيهود والنصارى. أما الـيهود فكذبوا بـمـحمد. وأما النصارى فكفروا بـالـجنة وقالوا: لـيس فـيها طعام ولا شراب، ولكن الـحَروريةالَّذينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ ويَقَطْعُونَ ما أمَرَ اللَّهُ بِهِ أنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فـي الأرض أُولَئِكَ هُمُ الـخاسِرُونَ } فكان سعد يسميهم الفـاسقـين. حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن إبراهيـم بن أبـي حُرّة عن مصعب بن سعد بن أبـي وقاص، عن أبـيه، فـي قوله { قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بـالأَخْسَرِينَ أعمالاً } قال: هم الـيهود والنصارى.

السابقالتالي
2 3