الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمْ أَمِنْتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَىٰ فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفاً مِّنَ ٱلرِّيحِ فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً }

يقول تعالـى ذكره: أم أمنتـم أيها القوم من ربكم، وقد كفرتـم به بعد إنعامه علـيكم، النعمة التـي قد علـمتـم أن يعيدكم فـي البحر تارة أخرى: يقول: مرّة أخرى، والهاء التـي فـي قوله «فـيه» من ذكر البحر. كما: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { أنْ يُعيدَكُمْ فِـيهِ تارَةً أُخْرَى }: أي فـي البحر مرّة أخرى { فَـيُرْسلَ عَلَـيْكُمْ قاصِفـاً مِنَ الرّيحِ } وهي التـي تقصف ما مرّت به فتـحطمه وتدقه، من قولهم: قصف فلان ظهر فلان: إذا كسره { فَـيُغْرِقَكُمْ بِـمَا كَفَرتُـمْ } يقول: فـيغرقكم الله بهذه الريح القاصف بـما كفرتـم، يقول: بكفركم به { ثُمَّ لا تَـجِدُوا لَكُمْ عَلَـيْنا بِهِ تَبِـيعاً } يقول: ثم لا تـجدوا لكم علـينا تابعاً يتبعنا بـما فعلنا بكم، ولا ثائراً يثأرنا بإهلاكنا إياكم. وقـيـل: تبـيعاً في موضع التابع، كما قـيـل: علـيـم في موضع عالـم. والعرب تقول لكل طالب بدم أو دين أو غيره: تبـيع. ومنه قول الشاعر:
عَدَوْا وَعَدَتْ غِزْلانُهُمْ فَكأنَّهَا   ضَوَامنُ غُرْمٍ لَزّهُنَّ تَبِـيعُ
وبنـحو الذي قلنا فـي القاصف والتبـيع، قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنـي علـيّ بن داود، قال: ثنا عبد الله، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: { فَـيُرْسِلَ عَلَـيْكُمْ قَاصِفـاً مِنَ الرّيحِ } يقول: عاصفـاً. حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عبـاس: قاصفـا التـي تُغْرق. حدثنـي علـيّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: { ثُمَّ لا تَـجِدُوا لَكُمْ عَلَـيْنا بِهِ تَبِـيعاً } يقول نصيراً. حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنـي الـحرث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قال مـحمد: ثائراً، وقال الـحرث: نصيراً ثائراً. حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد { ثُمَّ لا تَـجِدُوا لَكُمْ عَلَـيْنا بِهِ تَبِـيعاً } قال: ثائراً. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { ثُمَّ لا تَـجِدُوا لَكُمْ عَلَـيْنا بِهِ تَبِـيعاً } أي لا نـخاف أن نتبع بشيء من ذلك. حدثنا ابن عبد الأعلـى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة { ثُمَّ لا تَـجِدُوا لَكُمْ عَلَـيْنا بِهِ تَبِـيعاً } يقول: لا يتبعنا أحد بشيء من ذلك. والتارة: جمعه تارات وتـير، وفعلت منه: أترت.