الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَم يَكُنْ لَّهُ شَرِيكٌ فِي ٱلْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ ٱلذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً }

يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: { وَقُلْ } يا مـحمد { الـحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَـمْ يَتَّـخذْ وَلَداً } فـيكون مربوبـاً لاربـاً، لأن ربّ الأربـاب لا ينبغي أن يكون له ولد { ولَـمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِـي الـمُلْكِ } فـيكون عاجزا ذا حاجة إلـى معونة غيره ضعيفـاً، ولا يكون إلهاً من يكون مـحتاجاً إلـى معين علـى ما حاول، ولـم يكن منفرداً بالمُلك والسلطان { وَلـمْ يَكُنْ لَهُ وَلِـيّ مِنَ الذُلّ } يقول: ولـم يكن له حلـيف حالفه من الذلّ الذي به، لأن من كان ذا حاجة إلـى نصرة غيره، فذلـيـل مهين، ولا يكون من كان ذلـيلاً مهيناً يحتاج إلـى ناصر إلها يطاع { وكِّبرْهُ تَكْبـيراً } يقول: وعظم ربك يا مـحمد بـما أمرناك أن تعظمه به من قول وفعل، وأطعه فـيـما أمرك ونهاك. وبنـحو الذي قلنا فـي قوله: { وَلـمْ يَكُنْ لَهُ وَلِـيّ مِنَ الذُّلّ } قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنا مـحمد بن عمرو،قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد { ولَـمْ يَكُنْ لَهُ وَلِـيٌّ مِنَ الذُّلَ } قال: لـم يحالف أحداً، ولا يبتغي نصر أحد. حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثله. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: ذُكر لنا أن نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يعلِّـم أهله هذه الآية { الـحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَـمْ يَتَّـخِذْ وَلَداً وَلَـمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِـي الـمُلْكِ وَلَـمْ يَكُنْ لَهُ وَلِـيٌّ مِنَ الذُّلّ وكِّبرْهُ تَكْبِـيراً } الصغير من أهله والكبـير. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، قال: ثنا أبو الـجنـيد، عن جعفر، عن سعيد، عن ابن عبـاس، قال: إن التوراة كلها فـي خمس عشرة آية من بنـي إسرائيـل، ثم تلالا تَـجْعَلْ مَعَ اللّهِ إلهاً آخَر } حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنـي أبو صخر، عن القُرَظي، أنه كان يقول فـي هذه الآية: { الـحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَـمْ يَتَّـخِذْ وَلَداً... } الآية. قال: إن الـيهود والنصارى قالوا: اتـخذ الله ولداً. وقالت العرب: لبـيك، لبـيك، لا شريك لك، إلا شريكاً هو لك. وقال الصابئون والـمـجوس: لولا أولـياء الله لذلّ الله، فأنزل الله: { وَقُلِ الـحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَـمْ يَتَّـخِذْ وَلَدا وَلَـمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِـي الـمُلْكِ وَلَـمْ يَكُنْ لَهُ وَلِـيّ مِنَ الذُّلّ وكبِّرْهُ } أنت يا مـحمد علـى ما يقولون { تَكْبِـيراً }.آخر تفسير سورة بنـي إسرائيـل، والـحمد لله ربّ العالـمين.