الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَعَلَىٰ ٱللَّهِ قَصْدُ ٱلسَّبِيلِ وَمِنْهَا جَآئِرٌ وَلَوْ شَآءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ }

يقول تعالـى ذكره: وعلـى الله أيها الناس بـيان طريق الـحقّ لكم، فمن اهتدى فلنفسه ومن ضلّ فإنـما يضلّ علـيها. والسبـيـل: هي الطريق، والقصد من الطريق: الـمستقـيـم الذي لا اعوجاج فـيه، كما قال الراجز:
فصَدَّ عَنْ نَهْجِ الطَّرِيقِ القاصِدِ   
وقوله: { وَمِنْها جائِرٌ } يعنـي تعالـى ذكره: ومن السبـيـل جائر عن الاستقامة معوّج، فـالقاصد من السبل: الإسلام، والـجائر منها: الـيهودية والنصرانـية وغير ذلك من ملل الكفر كلها جائر عن سواء السبـيـل وقصدها، سوى الـحنـيفـية الـمسلـمة. وقـيـل: ومنها جائر، لأن السبـيـل يؤنث ويذكر، فأنثت فـي هذا الـموضع. وقد كان بعضهم يقول: وإنـما قـيـل: «ومنها» لأن السبـيـل وإن كان لفظها لفظ واحد فمعناها الـجمع. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنـي الـمثنى، قال: أخبرنا أبو صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: { وَعلـى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِـيـلِ } يقول: البـيان. حدثنا مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: { وَعلـى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِـيـلِ } يقول: علـى الله البـيان، أن يبـين الهدى والضلالة. حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنـي الـحرث، قال: ثنا الـحسن. قال: ثنا ورقاء وحدثنـي الـمثنى، قال: أخبرنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل وحدثنـي الـمثنى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله، عن ورقاء، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: { وَعلـى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِـيـلِ } قال: طريق الـحقّ علـى الله. حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثله. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، فـي قوله: { وَعلـى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِـيـلِ } يقول: علـى الله البـيان، بـيان حلاله وحرامه وطاعته ومعصيته. حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله: { وَعلـى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِـيـلِ } قال: السبـيـل: طريق الهدى. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبو معاوية، عن جويبر، عن الضحاك: { وَعلـى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِـيـلِ } قال إنارتها. حُدثت عن الـحسين، قال: سمعت أبـا معاذ يقول: ثنا عبـيد بن سلـيـمان، قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: { وَعلـى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِـيـلِ } يقول: علـى الله البـيان، يبـين الهدى من الضلالة، ويبـين السبـيـل التـي تفرّقت عن سبله، ومنها جائر. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: { وَمِنْها جائِرٌ }: أي من السبل، سبل الشيطان. وفـي قراءة عبد الله بن مسعود: «وَمِنْكُمْ جائِرٌ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَهَدَاكُمْ أجمَعِينَ». حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: ثنا مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: { وَمِنْها جائِرٌ } قال: فـي حرف ابن مسعود: «وَمِنْكُمْ جائِرٌ».

السابقالتالي
2