الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ ٱلْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُاْ ٱلسَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوۤءٍ بَلَىٰ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }

يقول تعالى ذكره: قال الذين أوتوا العلم: إن الـخزي الـيوم والسوء على من كفر بالله فجحد وحدانيته، { الَّذِينَ تَتَوَفَّـاهُمُ الـمَلائِكَةُ } يقول: الذين تقبض أرواحهم الـملائكة، { ظالِـمِي أنْفُسِهمْ } يعنـي: وهم علـى كفرهم وشركهم بـالله. وقـيـل: إنه عنى بذلك من قتل من قريش ببدر وقد أخرج إلـيها كرهاً. حدثنـي الـمثنى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: ثنا يعقوب بن مـحمد الزهري، قال: ثنـي سفـيان بن عيـينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة، قال: كان ناس بـمكة أقرّوا بـالإسلام ولـم يهاجروا، فأخرج بهم كرهاً إلـى بدر، فقتل بعضهم، فأنزل الله فـيهم: { الَّذِينَ تَتَوَفَّـاهُمُ الـمَلائكَةُ ظالِـمِي أنْفُسِهمْ }. وقوله: { فَألْقُوا السَّلَـمَ } يقول: فـاستسلـموا لأمره، وانقادوا له حين عاينوا الـموت قد نزل بهم. { ما كُنَّا نَعْمَلُ منْ سُوءٍ } وفـي الكلام مـحذوف استغنـي بفهم سامعيه ما دلّ علـيه الكلام عن ذكره، وهو: قالوا ما كنا نعمل من سوء. يخبر عنهم بذلك أنهم كذّبوا وقالوا: ما كنا نعصِي الله اعتصاماً منهم بـالبـاطل رجاء أن ينـجوا بذلك،، فكذّبهم الله فقال: بل كنتـم تعملون السوء وتصدّون عن سبـيـل الله. { إنَّ اللَّهَ عَلِـيـمٌ بِـمَا كُنْتُـمْ تَعْمَلُونَ } يقول: إن الله ذو علـم بـما كنتـم تعملون فـي الدنـيا من معاصيه وتأتون فـيها ما يسخطه.