الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ هَؤُلآءِ بَنَاتِي إِن كُنْتُمْ فَاعِلِينَ } * { لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ } * { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ }

يقول تعالـى ذكره: قال لوط لقومه: تزوّجوا النساء فأتوهنّ، ولا تفعلوا ما قد حرم الله علـيكم من إتـيان الرجال، إن كنتـم فـاعلـين ما آمركم به ومنهين إلـى أمري كما: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: { قالَ هَولاءِ بنَاتِـي إنْ كُنْتُـمْ فـاعِلِـينَ }: أمرهم نبـيّ الله لوط أن يتزوّجوا النساء، وأراد أن يَقِـيَ أضيافه ببناته. وقوله: { لَعَمْرُكَ } يقول تعالـى لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: وحياتك يا مـحمد، إن قومك من قريش { لَفِـي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ } يقول: لفـي ضلالتهم وجهلهم يتردّدون. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا مسلـم بن إبراهيـم، قال: ثنا سعيد بن زيد، قال: ثنا عمرو بن مالك، عن أبـي الـجوّزاء، عن ابن عبـاس، قال: ما خـلق الله وما ذرأ وما نفساً أكرم علـى الله من مـحمد صلى الله عليه وسلم، وما سمعت الله أقسم بحياة أحد غيره، قال الله تعالـى ذكره: { لَعَمْرُكَ إنَّهُمْ لَفِـي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ }. حدثنا الـحسن بن مـحمد، قال: ثنا يعقوب بن إسحاق الـحضْرمي، قال: ثنا الـحسين بن أبـي جعفر، قال: ثنا عمرو بن مالك، عن أبـي الـجوزاء، عن ابن عبـاس، فـي قول الله: { لَعَمْرُكَ إنَّهُمْ لَفِـي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ } قال: ما حلف الله تعالـى بحياة أحد إلا بحياة مـحمد صلى الله عليه وسلم، قال: وحياتك يا مـحمد وعمرك وبقائك فـي الدنـيا { إنَّهُمْ لَفِـي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ }. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { لَعَمْرُكَ إنَّهُمْ لَفِـي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ } وهي كلـمة من كلام العرب لفـي سكرتهم: أي فـي ضلالتهم، يعمهون: أي يـلعبون. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبـي، عن سفـيان، قال: سألت الأعمش، عن قوله: { لَعَمْرُكَ إنَّهُمْ لَفِـي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ } قال: لفـي غفلتهم يتردّدون. حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: ثنا مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: { فِـي سَكْرَتِهِمْ } قال: فـي ضلالتهم. { يَعْمَهُونَ } قال: يـلعبون. حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: ثنا مـحمد بن ثور، عن معمر، قال: قال مـجاهد: { يَعْمَهُونَ } قال: يتردّدون. حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـي، عن ابن عبـاس، قوله: { لَعَمْرُكَ } يقول: لعيْشُك. { إنَّهُمْ لَفِـي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ } قال: يتـمادَوْنَ. حدثنـي أبو السائب، قال: ثنا معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيـم، قال: كانوا يكرهون أن يقول الرجل: لعمري، يرونه كقوله: وَحَيَاتِـي. وقوله: { فَأَخَذَتْهُمْ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِـينَ } يقول تعالـى ذكره: فأخذتهم صاعقة العذاب، وهي الصيحة مشرقـين: يقول: إذ أشرقوا، ومعناه: إذ أشرقت الشمس. ونصب «مشرقـين» و «مصبحين» علـى الـحال بـمعنى: إذ أصبحوا، وإذ أشرقوا، يقال منه: صِيح بهم، إذا أهلكوا. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج: { فَأخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِـينَ } قال: حين أشرقت الشمس ذلك مشرقـين.