يقول تعالـى ذكره: لا يَـمَسّ هؤلاء الـمتقـين الذين وصف صِفتهم فـي الـجنات نَصَب، يعنـي تَعَب. { وَما هُمْ مِنْها بِـمُخْرِجِينَ } يقول: وما هم من الـجنة ونعيـمها وما أعطاهم الله فـيها بـمخرجين، بل ذلك دائم أبداً. وقوله: { نَبِّىءْ عِبـادِي أنّـي أنا الغَفُورُ الرَّحِيـمُ } يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: أخبر عبـادي يا مـحمد، أنـي أنا الذي أستر علـى ذنوبهم إذا تابوا منها وأنابوا، بترك فضيحتهم بها وعقوبتهم علـيها، الرحيـم بهم أن أعذّبهم بعد توبتهم منها علـيها. { وأنَّ عَذابِـي هُو العَذَابُ الألـيـمُ } يقول: وأخبرهم أيضاً أن عذابـي لـمن أصرّ علـى معاصيّ وأقام علـيها ولـم يتب منها، هو العذاب الـموجع الذي لا يشبهه عذاب. وهذا من الله تـحذير لـخـلقه التقدم علـى معاصيه، وأمر منه لهم بـالإنابة والتوبة. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { نَبِّىءْ عِبـادِي أنّـي أنا الغَفُورُ الرَّحِيـمُ وأنَّ عَذَابِـي هُو العَذَابُ الألِـيـمُ } قال: بلغنا أن نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم قال: " لوْ يَعلـمُ العبدُ قَدْر عَفْوِ اللَّهِ لما تورّعَ من حرام، وَلَو يَعلـم قَدْر عَذابِهِ لَبخَع نفسَه ". حدثنـي الـمثنى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: أخبرنا ابن الـمكيّ، قال: أخبرنا ابن الـمبـارك، قال: أخبرنا مصعب بن ثابت، قال: ثنا عاصم بن عبد الله، عن ابن أبـي ربـاح، عن رجل من أصحاب النبـيّ صلى الله عليه وسلم قال: طَلَع عَلْـيَنَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من البـاب الذي يدخـل منه بنو شيبة، فقال: " ألا أرَاكُمْ تَضْحَكُونَ؟ " ثم أدبر حتـى إذا كان عند الـحجر رجع رجع إلـينا القهقرى، فقال: " إنّـي لـمَّا خَرَجْتُ جاءَ جَبْرَئِيـلُ صلى الله عليه وسلم فَقالَ: يا مُـحَمَّد إنَّ اللَّهَ يَقُولُ: لِـمَ تُقَنِّطُ عِبـادِي؟ نَبِّىءْ عِبـادِي أنّـي أنا الغَفُورُ الرَّحِيـمُ وأنَّ عَذَابِـي هُو العَذَابُ الألِـيـمُ } ".