الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ } * { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْغَاوِينَ }

اختلفت القرّاء فـي قراءة قوله: { قالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلـيَّ مُسْتَقِـيـمٌ } فقرأه عامَّة قراء الـحجاز والـمدينة والكوفة والبصرة:هَذَا صِرَاطٌ عَلـيَّ مُسْتَقِـيـمٌ } بـمعنى: هذا طريق إلـيَّ مستقـيـم. فكان معنى الكلام: هذا طريق مرجعه إلـيّ فأجازي كلاًّ بأعمالهم كما قال الله تعالـى ذكره: { إنَّ رَبَّكَ لَبـالـمرْصَاد }. وذلك نظير قول القائل لـمن يتوعده ويتهدده: طريقك علـيّ، وأنا علـى طريقك فكذلك قوله: { هَذَا صِرَاطٌ } معناه: هذا طريق علـيّ وهذا طريق إلـيّ. وكذلك تأوّل من قرأ ذلك كذلك. ذكر من قال ذلك: حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنـي الـحرث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء وحدثنـي الـحسن بن مـحمد، قال: ثنا شبـابة، قال: ثنا ورقاء وحدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل وحدثنـي الـمثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله، عن ورقاء، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قوله: { هَذَا صِرَاطٌ عَلـيَّ مُسْتَقِـيـمٌ } قال: الـحقّ يرجع إلـى الله وعلـيه طريقه، لا يعرِّج علـى شيء. حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، بنـحوه. حدثنا أحمد بن يوسف، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا مَرْوان بن شجاع، عن خَصِيف، عن زياد بن أبـي مريـم، وعبد الله بن كثـير أنهما قرآها: { هَذَا صِرَاطٌ عَلـيَّ مُسْتَقِـيـمٌ } وقالا: «علـيّ» هي «إلـيّ» وبـمنزلتها. حدثنا الـحسن بن مـحمد، قال: ثنا عبد الوهاب بن عطاء، عن إسماعيـل بن مسلـم، عن الـحسن وسعيد عن قتادة، عن الـحسن: { هَذَا صِرَاطٌ عَلـيَّ مُسْتَقِـيـمٌ } يقول: إلـيّ مستقـيـم. وقرأ ذلك قـيس بن عبـاد وابن سيرين وقتادة فـيـما ذُكر عنهم «هَذَا صِرَاطٌ عَلـيٌّ مُسْتَقِـيـمٌ» برفع «علـيّ»علـى أنه نعت للصراط، بـمعنى رفـيع. ذكر من قال ذلك: حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبـي حماد، قال: ثنـي جعفر البصري، عن ابن سيرين أنه كان يقرأ: { هَذَا صِرَاطٌ عَلـيَّ مُسْتَقِـيـمٌ } يعنـي: رفـيع. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { هَذَا صِرَاطٌ عَلـيَّ مُسْتَقِـيـمٌ } أي رفـيع مستقـيـم. قال بشر، قال يزيد، قال سعيد: هكذا نقرؤها نـحن وقتادة. حدثنا الـحسن بن مـحمد، قال: ثنا عبد الوهاب، عن هارون، عن أبـي العوّام، عن قتادة، عن قـيس بن عبـاد: { هَذَا صِرَاطٌ عَلـيَّ مُسْتَقِـيـمٌ } يقول: رفـيع. والصواب من القراءة فـي ذلك عندنا قراءة من قرأ: { هَذَا صِرَاطٌ عَلـيَّ مُسْتَقِـيـمٌ } علـى التأويـل الذي ذكرناه عن مـجاهد والـحسن البصري ومن وافقهما علـيه، لإجماع الـحجة من القرّاء علـيها وشذوذ ما خالفها. وقوله: { إنَّ عِبـادِي لَـيْسَ لَكَ عَلَـيْهِمْ سُلْطانٌ إلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الغاوِينَ } يقول تعالـى ذكره: إن عبـادي لـيس لك علـيهم حجة، إلا من اتبعك علـى ما دعوته إلـيه من الضلالة مـمن غوى وهلك.

السابقالتالي
2