يقول تعالـى ذكره: قال إبلـيس: { رَبّ بِـمَا أغْوَيْتَنـي } بإغوائك { لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِـي الأرْضِ }. وكأن قوله: { بِـما أغْوَيْتَنـي } خرج مخرج القسم، كما يقال: بـالله، أو بعزّة الله لأغوينهم. وعنى بقوله: { لأُزَيَّنَنَّ لَهُمْ فِـي الأرْضِ } لأحسننّ لهم معاصيك، ولأحببنها إلـيهم فـي الأرض. { ولأُغْوِيَنَّهُمْ أجمَعِينَ } يقول: ولأضلَّنهم عن سبـيـل الرشاد. { إلاَّ عِبـادَكَ مِنْهُمُ الـمُخْـلَصِينَ } يقول إلا من أخـلصته بتوفـيقك فهديته، فإن ذلك مـمن لا سلطان لـي علـيه ولا طاقة لـي به. وقد قرىء: «إلاَّ عِبـادَكَ مِنْهُمُ الـمُخْـلَصِينَ» فمن قرأ ذلك كذلك، فإنه يعنـي به: إلا من أخـلص طاعتك، فإنه لا سبـيـل لـي علـيه. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك: { إلاَّ عِبـادَكَ مِنْهُمُ الـمُخْـلَصِينَ } يعنـي: الـمؤمنـين. حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا هشام، قال: ثنا عمرو، عن سعيد، عن قتادة: { إلاَّ عِبـادَكَ مِنْهُمُ الـمُخْـلَصِينَ } قال قتادة: هذه ثَنِـيَّة الله تعالـى ذكره.