الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ ٱلسَّمُومِ }

يقول تعالـى ذكره: { والـجانَّ } وقد بـيَّنا فـيـما مضى معنى الـجانّ ولـم قـيـل له جان. وعُنـي بـالـجانّ هاهنا: إبلـيس أبـا الـجنّ. يقول تعالـى ذكره: وإبلـيس خـلقناه من قبل الإنسان من نار السموم، كما: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: { والـجانَّ خَـلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ } وهو إبلـيس خـلقُ قبل آدم. وإنـما خـلق آدم آخر الـخـلق، فحسده عدوّ الله إبلـيس علـى ما أعطاه الله من الكرامة، فقال: أنا ناريّ، وهذا طينـي، فكانت السجدة لآدم والطاعة لله تعالـى ذكره، فقال:اخْرُجْ مِنْها فإنَّكَ رَجِيـمٌ } واختلف أهل التأويـل فـي معنى: { نارِ السَّمُومِ } فقال بعضهم: هي السموم الـحارّة التـي تقتل. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا يحيى بن آدم، عن شريك، عن أبـي إسحاق، عن التـميـمي، عن ابن عبـاس فـي قوله: { والـجانَّ خَـلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ } قال: السموم الـحارّة التـي تقتل. حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا الـحِمَّانـيّ، قال: ثنا شريك، عن أبـي إسحاق التـميـمي، عن ابن عبـاس: { والـجانَّ خَـلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ } قال: هي السموم التـي تقتل فأصَابَها إعْصَارٌ فـيه نَارٌ فـاحْتَرَقَتْ قال: هي السموم التـي تقتل. وقال آخرون: يعنـي بذلك من لهب النار. ذكر من قال ذلك: حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الرحمن بن مغراء، عن جويبر، عن الضحاك، فـي قوله: { والـجانَّ خَـلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ } قال: من لهب من نار السموم. حدثنا أبو كريب، قال: ثنا عثمان، عن سعيد، قال: ثنا بشر بن عمارة، عن أبـي روق، عن الضحاك عن ابن عبـاس، قال: كان إبلـيس من حيّ من أحياء الـملائكة يقال لهم الـجنّ، خُـلقوا من نار السموم من بـين الـملائكة. قال: وخُـلقت الـجنّ الذين ذُكروا فـي القرآن من مارج من نار. حدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة، عن أبـي إسحاق، قال: دخـلت علـى عمرو بن الأصمّ أعوده، فقال: ألا أحدثك حديثاً سمعته من عبد الله؟ سمعت عبد الله يقول: هذه السموم جزء من سبعين جزءاً من السموم التـي خرج منها الـجانّ. قال: وتلا: { والـجانَّ خَـلَقْناهُ منْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ }. وكان بعض أهل العربـية يقول: السموم بـاللـيـل والنهار. وقال بعضهم: الـحَرُور بـالنهار، والسموم بـاللـيـل، يقال: سَمَّ يومُنا يَسَمُّ سَمُوماً. حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا مـحمد بن سهل بن عسكر، قال: ثنا إسماعيـل بن عبد الكريـم، قال: ثنـي عبد الصمد بن معقل، قال: سمعت وهب بن منبه، وسئل عن الـجنّ ما هم، وهل يأكلون أو يشربون، أو يـموتون، أو يتناكحون؟ قال: هم أجناس، فأما خالص الـجنّ فهم ريح لا يأكلون ولا يشربون ولا يـموتون ولا يتوالدون. ومنهم أجناس يأكلون ويشربون ويتناكحون ويـموتون، وهي هذه التـي منها السعالِـي والغُول وأشبـاه ذلك.