الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ ٱلظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ ٱلأَبْصَارُ } * { مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ }

يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: { وَلاَ تَـحْسَبنَّ اللّهَ } يا مـحمد { غَافِلاً } ساهياً { عَمَّا يَعْمَلُ } هؤلاء الـمشركون من قومك، بل هو عالـم بهم وبأعمالهم مـحصيها علـيهم، لـيجزيهم جزاءهم فـي الـحين الذي قد سبق فـي علـمه أنه يجزيهم فـيه. حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنا علـيّ بن ثابت، عن جعفر بن برَقان، عن ميـمون بن مِهران فـي قوله: { وَلا تَـحْسَبنَّ اللّهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِـمُونَ } قال: هي وعيد للظالـم وتعزية للـمظلوم.القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { إنَّـمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِـيَوْمٍ تَشْخصُ فِـيهِ الأبصار مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إلَـيْهِمْ طَرْفُهُمْ وأفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ }. يقول تعالـى ذكره: إنـما يؤخر ربك يا مـحمد هؤلاء الظالـمين الذين يكذّبونك ويجحَدون نبوّتك، لـيوم تشخص فـيه الأبصار. يقول: إنـما يؤخِّر عقابَهم وإنزال العذاب بهم، إلـى يوم تشخَص فـيه أبصار الـخـلق وذلك يوم القـيامة، كما: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: { لِـيَوْم تَشْخَصُ فِـيهِ الأبْصَارُ } شخصت فـيه والله أبصارهم، فلا ترتدّ إلـيهم. وأما قوله: { مُهْطِعِينَ } فإن أهل التأويـل اختلفوا فـي معناه فقال بعضهم: معناه: مسرعين. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا هاشم بن القاسم، عن أبـي سعيد الـمؤدّب، عن سالـم، عن سعيد بن جبـير: { مُهْطِعِينَ } قال: النَّسَلان، وهو الـخبب أو ما دون الـخبب، شكّ أبو سعيد يخبون وهم ينظرون. حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: ثنا مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: { مُهْطِعِينَ } قال: مسرعين. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: { مُهْطِعِينَ } يقول: منطلقـين عامدين إلـى الداعي. وقال آخرون: معنى ذلك: مديـمي النظر. ذكر من قال ذلك: حدثنا مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: { مُهْطِعِينَ } يعنـي بـالإهطاع: النظر من غير أن يطرف. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن سعيد بن مسروق، عن أبـي الضحى: { مُهْطِعِينَ } قال: الإهطاع: التـحميج الدائم الذي لا يَطْرِف. حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيـم، عن مغيرة، عن أبـي الـخير بن تـميـم بن حَذْلَـم، عن أبـيه، فـي قوله: { مُهْطِعِينَ } قال: الإهطاع: التـحميج. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا الـمـحاربـي، عن جويبر، عن الضحاك: { مُهْطِعِينَ } قال: شدّة النظر الذي لا يطرف. حدثنـي الـمثنى، قال: أخبرنا عمرو، قال: أخبرنا هُشَيـم، عن جويبر، عن الضحاك، فـي قوله: { مُهْطِعِينَ } قال: شدة النظر فـي غير طَرْف. حُدثت عن الـحسين بن الفرج، قال: سمعت أبـا معاذ يقول: أخبرنا عبـيد، قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: { مُهْطِعِينَ } الإهطاع: شدة النظر فـي غير طَرْف.

السابقالتالي
2 3 4