الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ ٱللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ } * { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ طُوبَىٰ لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ }

يقول تعالـى ذكره: { وَيهْدِي إلَـيْهِ مَنْ أنَابَ } بـالتوبة الذين آمنوا. والذين آمنوا فـي موضع نصب ردّ علـى مَن، لأن الذين آمنوا هم من أناب ترجم بها عنها. وقوله: { وَتَطْمَئِنُّ قَلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللّهِ } يقول: وتسكن قلوبهم وتستأنس بذكر الله. كما: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللّهِ } يقول: سكنت إلـى ذكر الله واستأنست به. وقوله: { ألا بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ } يقول: ألا بذكر الله تسكن وتستأنس قلوب الـمؤمنـين. وقـيـل: إنه عنى بذلك قلوب الـمؤمنـين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. ذكر من قال ذلك: حدثنا الـحسن بن مـحمد، قال: ثنا شبـابة، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قوله: { ألاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ } لـمـحمد وأصحابه. حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل وحدثنا الـمثنى قال: ثنا إسحاق، قال: ثناعبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: { ألا بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ } قال: لـمـحمد وأصحابه. قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا أحمد بن يونس قال: ثنا سفـيان بن عيـينة فـي قوله: { وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللّهِ } قال: هم أصحاب مـحمد صلى الله عليه وسلم. وقوله: { الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِـحاتِ } الصالـحات من الأعمال، وذلك العمل بـما أمرهم ربهم. { طُوَبى لَهُمْ } وطُوَبى فـي موضع رفع بلهم. وكان بعض أهل البصرة والكوفة يقول ذلك رفع، كما يقال فـي الكلام: وَيْـلٌ لعمرو، وإنـما أوثر الرفع فـي طُوبَى لـحسن الإضافة فـيه بغير لام، وذلك أنه يقال فـيه طوبـاك، كما يقال: ويْـلَك ووَيْبك، ولولا حسن الإضافة فـيه بغير لام لكان النصب فـيه أحسن وأفصح، كما النصب فـي قولهم: تَعْسا لزيد وبُعداً له وسحقاً أحسن، إذ كانت الإضافة فـيها بغير لام لا تـحسن. وقد اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل قوله { طُوبَى لَهُمْ } فقال بعضّهم: معناه: نِعْمَ ما لَهم. ذكر من قال ذلك: حدثنـي جعفر بن مـحمد البروريّ من أهل الكوفة، قال: ثنا أبو زكريا الكلبـيّ، عن عمر بن نافع، قال: سئل عكرمة عن «طوبى لهم»، قال: نِعْمَ ما لَهم. حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا عمرو بن نافع، عن عكرمة، فـي قوله: { طُوَبى لَهُمْ } قال: نِعْم ما لَهم. حدثنـي الـحارث، قال: ثنا عبد العزيز، قال: ثنـي عمرو بن نافع، قال: سمعت عكرمة، فـي قوله: { طُوَبى لَهُمْ } قال: نِعْم ما لَهم. وقال آخرون: معناه: غبْطةٌ لهم. ذكر من قال ذلك: حدثنا أبو هشام، قال: ثنا أبو خالد الأحمر، عن جويبر، عن الضحاك: { طُوَبى لَهُمْ } قال: غِبْطة لهم. حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الرحمن بن مَغْراء، عن جويبر، عن الضحاك، مثله.

السابقالتالي
2 3 4 5