الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ هُوَ ٱلَّذِي يُرِيكُمُ ٱلْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِىءُ ٱلسَّحَابَ ٱلثِّقَالَ } * { وَيُسَبِّحُ ٱلرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَٱلْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ ٱلصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَآءُ وَهُمْ يُجَٰدِلُونَ فِي ٱللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ ٱلْمِحَالِ }

يقول تعالـى ذكره: { هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ البَرْقَ } يعنـي أن الربّ هو الذي يرى عبـاده البرق. وقوله: { هُوَ } كناية اسمه جلّ ثناؤه، وقد بـيَّنا معنى البرق فـيـما مضى وذكرنا اختلاف أهل التأويـل فـيه بـما أغنى عن إعادته فـي هذا الـموضع. وقوله { خَوْفـاً } يقول: خوفـاً للـمسافر من أذاه. وذلك أن البرق الـماء فـي هذا الـموضع، كما: حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، قال: أخبرنا موسى بن سالـم أبو جهضم، مولـى ابن عبـاس، قال: كتب ابن عبـاس إلـى أبـي الـجلد يسأله عن البرق، فقال: البرق: الـماء. وقوله { وَطَمَعاً } يقول: وطمعاً للـمقـيـم أن يـمطر فـينتفع. كما: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ البَرْقَ خَوْفـاً وَطَمَعاً } يقول: خوفـاً للـمسافر فـي أسفـاره، يخاف أذاه ومشقته، وطمعاً للـمقـيـم يرجو بركته ومنفعته ويطمع فـي رزق الله. حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: ثنا مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: { خَوْفـاً وطَمَعاً } خوفـاً للـمسافر، وطمعاً للـمقـيـم. وقوله: { وَيُنْشِىءُ السَّحابَ الثِّقالَ }: ويثـير السحاب الثقال بـالـمطر، ويبدئه، يقال منه: أنشأ الله السحاب: إذا أبدأه، ونشأ السحاب: إذا بدأ ينشأ نشأً. والسحاب فـي هذا الـموضع وإن كان فـي لفظ واحد فإنها جمع واحدتها سحابة، ولذلك قال: «الثقال»، فنعتها بنعت الـجمع، ولو كان جاء: السحاب الثقـيـل كان جائزاً، وكان توحيداً للفظ السحاب، كما قـيـل:جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأخْضَرِ ناراً } وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنا الـحسن بن مـحمد، قال: ثنا شبـابة، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قوله: { وَيُنْشِىءُ السَّحابَ الثِّقالَ } قال: الذي فـيه الـماء. حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، مثله. حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، مثله. قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، مثله. حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد: { وَيُنْشِىءُ السَّحابَ الثِّقالَ } قال: الذي فـيه الـماء. وقوله: { وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ } قال أبو جعفر: وقد بـيِّنا معنى الرعد فـيـما مضى بـما أغنى عن إعادته في هذا الـموضع. وذُكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع صوت الرعد، قال كما: حدثنا الـحسن بن مـحمد، قال: ثنا كثـير بن هشام، قال: ثنا جعفر، قال: بلغنا أن النبـيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع صوت الرعد الشديد، قال: " اللَّهُمَّ لا تَقْتُلْنا بِغَضَبكَ، وَلا تُهْلِكْنا بِعَذَابِكَ، وَعافِنا قَبْلَ ذلكَ "

السابقالتالي
2 3 4 5