الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِـيۤ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَآ أَن نُّشْرِكَ بِٱللَّهِ مِن شَيْءٍ ذٰلِكَ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ }

يعنـي بقوله: { واتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبـائي إبْرَاهِيـمَ وإسْحاقَ وَيَعْقُوبَ } واتبعت دينهم لا دين أهل الشرك. { ما كانَ لَنا أنْ نُشْرِكَ بـاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ } يقول: ما جاز لنا أن نـجعل لله شريكاً فـي عبـادته وطاعته، بل الذي علـينا إفراده بـالألوهة والعبـادة. { ذلكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَـيْنا } يقول: اتبـاعي ملة آبـائي إبراهيـم وإسحاق ويعقوب علـى الإسلام، وتركي { مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بـاللَّهِ وَهُمْ بـالآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ } ، من فضل الله الذي تفضل به علـينا، فأنعم إذ أكرمنا به. وعَلـى النَّاسِ يقول: وذلك أيضاً من فضل الله علـى الناس، إذ أرسلنا إلـيهم دعاة إلـى توحيده وطاعته. { ولكِنَّ أكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ } يقول: ولكن من يكفر بـالله لا يشكر ذلك من فضله علـيه، لأنه لا يعلـم من أنعم به علـيه ولا يعرف الـمتفضل به. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنـي علـيّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: { ذلكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَـيْنا } أن جعلنا أنبـياء. { وَعلـى النَّاسِ } يقول: أن بعثنا إلـيهم رسلاً. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { ذلكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَـيْنا وَعلـى النَّاسِ ذُكِر } لنا أن أبـا الدرداء كان يقول: يا رُبّ شاكر نعمة غير منعمَ علـيه لا يدري، ورُبّ حامل فقه غير فقـيه.