الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنْضُودٍ } * { مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ }

يقول تعالـى ذكره: ولـما جاء أمرنا بـالعذاب وقضاؤنا فـيهم بـالهلاك، { جَعَلْنا عالِـيَها } يعنـي عالـي قريتهم { سافِلَها وأمْطَرْنا عَلَـيْها } يقول: وأرسلنا علـيها { حِجَارَةً مِنْ سِجِّيـلٍ }. واختلف أهل التأويـل فـي معنى سجيـل، فقال بعضهم: هو بـالفـارسية سِنْك وكل. ذكر من قال ذلك: حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، فـي قوله: { مِنْ سِجِّيـلٍ } بـالفـارسية، أوّلها حجر، وآخرها طين. حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، بنـحوه. حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد بنـحوه. حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، نـحوه. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد بن جبـير: { حِجارَةً مِنْ سِجِّيـلٍ } قال: فـارسية أعربت سنك وكل. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: السجيـل: الطين. حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: ثنا مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة وعكرمة: { مِنْ سِجِّيـلٍ } قالا: من طين. حدثنا الـمثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا إسماعيـل بن عبد الكريـم، قال: ثنـي عبد الصمد، عن وهب قال: سجيـل بـالفـارسية: سنك وكل. حدثنـي موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ: { حِجارَةً مِنْ سِجِّيـلٍ } أما السجيـل فقال ابن عبـاس: هو بـالفـارسية: سنك وجل، سنك: هو الـحجر، وجل هو الطين. يقول: أرسلنا علـيهم حجارة من طين. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفـيان، عن السديّ، عن عكرمة، عن ابن عبـاس: { حِجارَةً مِنْ سِجِّيـلٍ } قال: طين فـي حجارة. وقال ابن زيد فـي قوله ما: حدثنـي به يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد فـي قوله: { حِجارَةً مِنْ سِجِّيـلٍ } قال: السماء الدنـيا. قال: والسماء الدنـيا اسمها سجيـل، وهي التـي أنزل الله علـى قوم لوط. وكان بعض أهل العلـم بكلام العرب من البصريـين يقول: السجيـل: هو من الـحجارة الصلب الشديد ومن الضرب، ويستشهد علـى ذلك بقول الشاعر:
ضَرْبـاً تَوَاصَى بهِ الأبْطالُ سِجِّيلاً   
وقال بعضهم: تـحوّل اللام نوناً. وقال آخر منهم: هو فعيـل من قول القائل: أسجلته: أرسلته، فكأنه من ذلك أي مرسلة علـيهم. وقال آخر منهم: بل هو من «سجلت له سجلاً» من العطاء، فكأنه قـيـل: منـحوا ذلك البلاء فأعطوه، وقالوا أسجله: أهمله. وقال بعضهم: هو من السِّجِلِّ، لأنه كان فـيها علـم كالكتاب. وقال آخر منهم: بل هو طين يطبخ الآجرّ، وينشد بـيت الفضل بن عبـاس:
مَنْ يُساجِلْنِـي يُساجِلْ ماجِداً   يَـمْلأُ الدَّلْوَ إلـى عَقْدِ الكَرَبِ

السابقالتالي
2 3 4 5