يقول تعالـى ذكره: فلـما ذهب عن إبراهيـم الـخوف الذي أوجسه فـي نفسه من رسلنا حين رأى أيديهم لا تصل إلـى طعامه، وأمن أن يكون قصد فـي نفسه وأهله بسوء، وجاءته البشرى بإسحاق، ظلّ يجادلنا فـي قوم لوط. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { فَلَـمَّا ذَهَبَ عَنْ إبْرَاهيـمَ الرَّوْعُ } يقول: ذهب عنه الـخوف، { وَجاءَتْهُ البُشْرَى } بإسْحاقَ. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلـمة، عن ابن إسحاق: { فَلَـمَّا ذَهَبَ عَنْ إبْرَاهيـمَ الرَّوْعُ وَجاءَتْهُ البُشْرَى } بإسحاق، ويعقوب ولد من صلب إسحاق، وأمن مـما كان يخاف قال: { الـحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لـي علـى الكِبَرِ إسْماعيـلَ وإسْحاقَ إنَّ رَبـي لَسَميعُ الدُّعاءِ }. وقد قـيـل معنى ذلك: وجاءته البشرى أنهم لـيسوا إياه يريدون. ذكر من قال ذلك: حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: ثنا مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: { وَجاءَتْهُ البُشْرَى } قال: حين أخبروه أنهم أرسلوا إلـى قوم لوط، وأنهم لـيسوا إياه يريدون. قال: ثنا مـحمد بن ثور، قال: ثنا معمر، وقال آخرون: بشر بإسحاق. وأما الرَّوع: فهو الـخوف، يقال منه: راعنـي كذا يَرُوعنـي رَوْعاً: إذا خافه، ومنه قول النبـيّ صلى الله عليه وسلم " كيف لك برَوْعَة الـمؤمن " ومنه قول عَنْترة
:
ما رَاعَنِـي إلاَّ حَمُولةُ أهْلِها
وَسْطَ الدّيارِ تَسَفُّ حَبَّ الـخِمْخِمِ
بـمعنى: ما أفزعنـي. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: الروع: الفرق. حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، فـي قوله: { فَلَـمَّا ذَهَبَ عَنْ إبْرَاهيـمَ الرَّوْعُ } قال: الفرق. حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة: { فَلَـمَّا ذَهَبَ عَنْ إبْرَاهيـمَ الرَّوْعُ } قال: الفرق. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: { فَلَـمَّا ذَهَبَ عَنْ إبْرَاهيـمَ الرَّوْعُ } قال: ذهب عنه الـخوف. وقوله: { يُجادِلُنا فِـي قَوْمِ لُوطٍ } يقول: يخاصمنا. كما: حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: { يُجادِلُنا }: يخاصمنا. حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، مثله. وزعم بعض أهل العربـية من أهل البصرة أن معنى قوله: يُجادِلُنا يكلـمنا، وقال: لأن إبراهيـم لا يجادل الله إنـما يسأله ويطلب منه.