الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُمْ مِّنَ ٱلأَرْضِ وَٱسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَٱسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ }

يقول تعالـى ذكره: وأرسلنا إلـى ثمود أخاهم صالـحاً، فقال لهم يا قوم: اعبدوا الله وحده لا شريك له، وأخـلصوا له العبـادة دون ما سواه من الآلهة، فما لكم من إله غيره يستوجب علـيكم العبـادة، ولا تـجوز الألوهة إلاّ له. { هُوَ أنْشأَكُمْ مِنَ الأرْضِ } يقول: هو ابتدأ خـلقكم من الأرض. وإنـما قال ذلك لأنه خـلق آدم من الأرض، فخرج الـخطاب لهم إذ كان ذلك فعله بـمن هم منه. { وَاسْتَعْمَركُمْ فَـيها } يقول: وجعلكم عُمَّاراً فـيها، فكان الـمعنى فـيه: أسكنكم فـيها أيام حياتكم، من قولهم: أعمر فلان فلاناً داره، وهي له عُمْرَي. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد فـي قول الله: { وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِـيها } قال: أعمركم فـيها. حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: { وَاسْتَعْمَرَكُم فِـيها } يقول: أعمركم. وقوله: { فـاسْتَغْفِرُوهُ } يقول: اعملوا عملاً يكون سببـاً لستر الله علـيكم ذنوبكم، وذلك الإيـمان به وإخلاص العبـادة له دون ما سواه واتبـاع رسوله صالـح. { ثُمَّ تُوبُوا إلَـيْهِ } يقول: ثم اتركوا من الأعمال ما يكرهه ربكم إلـى ما يرضاه ويحبه. { إنَّ رَبـيِّ قَرِيبٌ مُـجِيبٌ } يقول: إن ربـي قريب مـمن أخـلص له العبـادة ورغب إلـيه فـي التوبة، مـجيب له إذا دعاه.