الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ }

يعنـي تعالـى ذكره بقوله: { وَما مِنْ دَابَّةٍ فِـي الأرْضِ إلاَّ علـى اللَّهِ رِزْقُها } وما تدبّ دابة فـي الأرض. والدابة: الفـاعلة من دبّ فهو يدبّ، وهو دابّ، وهي دابة. { إلا علـى اللَّهِ رِزْقُها } يقول: إلا ومن الله رزقها الذي يصل إلـيها هو به متكفل، وذلك قُوُتها وغذاؤها وما به عيشها. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال بعض أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قال: مـجاهد، فـي قوله: { وَما مِنْ دَابَّةٍ فِـي الأرْضِ إلاَّ علـى اللَّهِ رِزْقُها } قال: ما جاءها من رزق فمن الله، وربـما لـم يرزقها حتـى تـموت جوعاً، ولكن ما كان من رزق فمن الله. حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: { وَما مِنْ دَابَّةٍ فِـي الأرْضِ إلاَّ علـى اللَّهِ رِزْقُها } قال: كلّ دابة. حُدثت عن الـحسين بن الفرج، قال: سمعت أبـا معاذ يقول: أخبرنا عبـيد بن سلـيـمان، قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: { وَما مِنْ دَابَّةٍ فِـي الأرْضِ إلاَّ علـى اللَّهِ رِزْقُها } يعنـي: كلّ دابة والناس منهم. وكان بعض أهل العلـم بكلام العرب من أهل البصرة يزعم أن كل ماش فهو دابة، وأن معنى الكلام: وما دابة فـي الأرض، وأنّ «من» زائدة. وقوله: { وَيَعْلَـمُ مُسْتَقَرَّها } حيث تستقرّ فـيه، وذلك مأواها الذي تأوي إلـيه لـيلاً أو نهارا. { وَمُسْتَوْدَعَها }: الـموضع الذي يُودِعها، إما بـموتها فـيه أو دفنها. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن التـيـمي، عن لـيث، عن الـحكم، عن مِقْسم، عن ابن عبـاس، قال: { مُسْتَقَرَّها } ، حيث تأوي، { وَمُسْتَوْدَعَها } حيث تـموت. حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: { وَيَعْلَـمُ مُسْتَقَرَّها } يقول، حيث تأوى، { وَمُسْتَوْدَعَها } يقول، إذا ماتت. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا الـمـحاربـيّ، عن لـيث، عن الـحكم، عن مِقْسم، عن ابن عبـاس: { وَيَعْلَـمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعُها } قال، الـمستقرّ: حيث تأوي، والـمستودع، حيث تـموت. وقال آخرون: { مُسَتَقَرَّها } فـي الرحم، { وَمُسْتَوْدَعَها }: فـي الصلب. ذكر من قال ذلك: حدثنا الـمثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: { وَيَعْلَـمُ مُسْتَقَرَّها }: فـي الرحم، { وَمُسْتَوْدَعَها }: فـي الصلب، مثل التـي فـي الأنعام. حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه عن ابن عبـاس، قوله: { وَيَعْلَـمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها } فـالـمستقرّ: ما كان فـي الرحم، والـمستودع: ما كان فـي الصلب. حُدثت عن الـحسين بن الفرج، قال: سمعت أبـا معاذ يقول: أخبرنا عبـيد، قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: { وَيَعْلَـمُ مُسْتَقَرَّها } يقول: فـي الرحم، { وَمُسْتَوْدَعَها } فـي الصلب.

السابقالتالي
2